أمّا الطّريق من حضرموت إلى صنعاء .. فسبع مراحل (١) : الأولى : من هينن وعروض آل عامر إلى دهر. الثّانية : من دهر إلى رملة شبوة ، موضع معروف. الثّالثة : منه إلى صافر ، وهو موضع الملح المشهور. الرّابعة : إلى مأرب. الخامسة : إلى صرواح. السّادسة : إلى الحمرة ، قرية من قرى خولان. السّابعة : إلى صنعاء.
وأهل زماننا ومن قبلهم بردح لا يستطيعون هذا السّير ، وإنّما كان الأوّلون أهل نشاط وعزم ، ولذا كثرت بينهم المواصلات ؛ لأنّ الجزيرة قريبة من بعضها في أنظارهم.
وزعم قوم بأنّ شبوة ليست بحدّ حضرموت الغربيّ ، بل إنّه يتجاوزها فيشمل مأرب كما في «الأصل» ، ويتأكّد ذلك بظهور أثر دعائهم بتباعد الأسفار على أهل حضرموت فتفرّقوا عباديد (٢).
وقال ابن الحائك في «صفة جزيرة العرب» [١٧١] : (وفيما بين بيحان وحضرموت شبوة ، مدينة لحمير ، بها أحد جبلي الملح ، والجبل الثّاني لأهل مأرب ، فلمّا احتربت حمير ومذحج .. خرج أهل شبوة منها وسكنوا حضرموت ،
__________________
(١) وقد امتدّت شبكة المواصلات الحديثة ، ووصلت صنعاء بوادي حضرموت مباشرة ، عن طريق خطّ إسفلتيّ جديد ، مهّد وشقّ بعد قيام الوحدة اليمنيّة ، وافتتح رسميّا نهاية عام (١٩٩٨ م) تقريبا ، ويعرف باسم : (طريق صافر) يبلغ طوله نحو (١٠٠٠ كم) ، فسهلت الحركة والتّنقل بين اليمن وحضرموت ، أمّا من صافر نفسها إلى حضرموت .. فهي (٣٥٠ كم).
وقد كان المصنّف عليه الرّحمات يقطع هذا الطّريق بلا شكّ في سفراته المتعدّدة إلى اليمن على المراكب والدّوابّ ، ومن هنا سهل عليه تحديد المراحل والقرى ، أمّا لو كان السّفر قديما كما هو عليه اليوم .. لما دوّن أحد شيئا من جغرافيّة البلدان. وفي منطقة صافر هذه توجد محطّة توزيع الغاز الطّبيعي الّذي تنتجه آبار النفط اليمنيّة ، ويبعد جبل صافر عن مأرب (٨٥ كم) ، وكان قديما يستخرج منه الملح ، فكان يسمّى جبل الملح ، أمّا اليوم .. فيستخرج منه النّفط ، وكان اكتشاف أوّل بئر بترول سنة (١٩٨٤ م).
(٢) عباديد : فرقا مختلفة ، ويعني بهذا أنّ أهل حضرموت ـ على القول أنّ حضرموت من مأرب ـ قد أصابتهم دعوة : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا)