الأعجام بكثرة لبلاد حضرموت من عهد استيلاء الفرس على اليمن ، حسبما سبق في حصن الغراب ، ولم يزل بها وباليمن من أعقابهم الكثير ، إلّا أنّهم اندمجوا فيهم مع مرور الأيّام ، ودوعن يطلق على واديين بأعلى حضرموت ، يقال لأحدهما : الأيمن (١) ، وهو مسيل مغروس بالنّخيل المثمنة (٢) ، وعلى حفافيه بلدانه وقراه (٣).
فأمّا شقّه الغربيّ :
فأوّل بلاده من أعلاه : قرحة آل باحميش : وهي على رأس الوادي الأيمن بين واديين ، يقال لأحدهما : وادي النّبيّ (٤) ، وهو الغربيّ ، ويقال للآخر : وادي حموضة (٥) ، في شرقيّه واد آخر يقال له : منوه (٦).
__________________
وينفّذ حاليّا مشروع ضخم ؛ لربط قرى وبلدان وادي دوعن بعضها ببعض عن طريق خطّ إسفلتيّ حديث ، وهو مشروع هامّ يقرّب المسافات المتباعدة الّتي كانت تقطع في اللّيالي والأسابيع عبر الوديان والرّمال والقفار والعقاب العالية. ويشتهر وادي دوعن بعسله العالي الجودة ، والفائق في فائدته الغذائيّة على غيره.
(١) أي : والآخر : الأيسر ـ كما سيأتي ـ والمتعارف عليه عند أهل دوعن إلى هذا اليوم إطلاقهم اسم دوعن على الأيمن ، ولا يلفظون الأيمن ، ولكنّهم إذا أرادوا الأيسر عيّنوه باسمه ، فصار اسم دوعن علما على الأيمن فقط ، هذا في العرف ، لكنّه تاريخيّا وجغرافيّا كما قرّر المصنّف وغيره.
(٢) المسيل : مجرى الماء.
(٣) حفافا الشّيء : جانباه.
(٤) وادي النّبيّ : هو أحد ثلاثة وديان كبار تصبّ في وادي دوعن ، والآخران كما ذكرهما المصنّف.
ويعتبر وادي النّبي أقصر الأودية الثّلاثة ، ويجتمع مع وادي حموضة ما بين قرحة باحميش ورباط باعشن ، ثمّ تجتمع هذه الأودية كلّها تحت الرّباط. ويسكن هذا الوادي فخائذ من قبيلة القثم ، الّذين يجمعهم اسم : آل عليّ بامسلّم ، وهم : باوقّاش ، وبن جريد ، وباجبير ، وآل مبارك. والقثم : فرع من الحالكة من سيبان.
وسمّي الوادي بوادي النّبيّ : لأنّ فيه في موضع يقال له الصّعيد ـ في أعلى الوادي ـ مشهد يزار ، يقال : إنّه قبر نبيّ من أهل القرون الأولى.
(٥) وادي حموضة : بفتح الحاء وضمّ الميم ، واد كبير يصبّ في دوعن ، مخرجه شرقيّ القرحة ، وفروعه توازي رؤوس حجر وصيق السّموح ، وفي شعابه بادية نوّح ، والسّموح ، والمراشده .. كلّهم سيبان ، وفيه غياض وزروع وعيون ماء عديدة.
(٦) منوه : بفتح فسكون ففتح ، واد عظيم في الشّرق الجنوبيّ لدوعن ، ويصبّ شرقيّ الرّباط ، وفروعه توازي وادي عقرون من أودية الأيسر.