وهي مسألة نفيسة مبنيّة على أنّ (العاميّ لا مذهب له) ، وهما قولان قريبان من التّكافؤ ، وقد حرّرت ما في ذلك بموضعه من كتابي «صوب الرّكام».
وإنّما سقت المسألة لمناسبة أنّه وردني بالأمس سؤال ، حاصله : أنّ المكرّم الشّيخ عبد الله بن أحمد الزّبيديّ كانت له ابنة عمّ ، لها أخ شقيق في السّادسة عشرة من عمره ، يتصرّف عنه وصيّه ، وهو أخوه وأخو البنت من الأب ، فأشار عليه أن يعقد بها ، فأنكر عليه بعض العلويّين وقالوا له : ما دليلك؟
فقال : لا دليل إلّا قوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) الآية الخامسة من سورة النّساء.
فلم يقتنعوا منه بذلك ، وقالوا : إنّ النّكاح باطل لا وجه له إلّا مقابل الأظهر في قول «المنهاج» [٢ / ٤٢٨] : (ويقدّم أخ لأبوين على أخ لأب في الأظهر) فأعجبني استدلاله وقرّرت النّكاح ؛ لأنّه إذا لم يثبت رشد الشّقيق .. فالنّكاح صحيح على المعتمد في المذهب.
قال في «النّهاية» : (وكذا محجور عليه بسفه ؛ بأن بلغ غير رشيد ، أو بذّر في ماله بعد رشده ثمّ حجر عليه .. لا ولاية له على المذهب ؛ إذ لا يلي أمر نفسه ، فغيره أولى. ويصحّ توكيله في قبول النّكاح لا إيجابه) اه ، و «التّحفة» قريب منها.
وفي (الحجر) من الثّانية : (تصديق الوليّ في دوام الحجر ؛ لأنّه الأصل ، ما لم يظهر الرّشد أو يثبت) اه ، و «النّهاية» على مثاله.
ومتى كان الأصل فيمن يتصرّف عنه وصيه الحجر .. فالنّكاح صحيح على مقرّر المذهب.
وبفرض تسليم رشد الشّقيق .. يأتي ما نقله أحمد مؤذّن عن باحويرث ، فالعقد صحيح على كلّ تقدير ، إلّا أنّ للشّيخ أحمد مؤذّن كلاما آخر في «مجموع الجدّين» ، وحاصله : (أنّه وقع عقد في قيدون بغير كفؤ ، مع غيبة الوليّ ، وفرّق بينهم نائب الهجرين ، وسأل أحمد مؤذّن ، فأجابه بصواب ما فعل).