باصرّة يكثر من شرب الدّخان ، وأنا حاضر .. إذ قيل : أقبل السّيّد عمر بن أحمد بن عبد الله البار العالم التّقيّ ، فتشمّر المقدّم واهتمّ ، وجمع خاطره ، وأبعد مداعته (١) ، ومسح يده وفمه بثوبه ، وتأدّب بين يديه ، لكنّه كان لا يدخل داره ، ولا يقبل هديّته الّتي طالما حاوله على قبولها ، فصحّ قول الجرجانيّ [في «طبقات الشافعية» ٢ / ١٦٠ من الطويل] :
أرى النّاس من داناهم هان عندهم |
|
ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما |
توفّي السّيّد عمر المذكور بالقرين في رجب سنة (١٣٣٩ ه).
أمّا رداء الحبيب حسين بن محمّد البارّ .. فوقع على ولده محمّد بن حسين ، فقام في مقامه أحسن القيام ، حتّى توفي ، وخلفه ولده حامد ، ذكيّ نبيه مشكور الخلائق.
ومنهم : أخونا العلّامة الجليل ، بقيّة أراكين الشّرف ، السّيّد عيدروس بن سالم بن عيدروس بن سالم بن عيدروس البارّ (٢) ، لقد كان عدّ جود خسيف ، وطود علم منيف.
فما دبّ إلّا في أنامله النّدى |
|
ولم يرب إلّا في مجالسه العلم (٣) |
إلى خلق كأنّه الرّوض طلّه الغمام ، أو الزّهر بارح الكمام (٤).
لن تلق مثل مساعيه الّتي اتّصلت |
|
بالصّالحين وكانت عن أب فأب (٥) |
__________________
(١) مداعته : المداعة (عامية) وهي آلة التنباك المعروفة والمسماة بالجوزة.
(٢) مولده بمكّة سنة (١٢٩٨ ه) ، أو (١٢٩٩ ه) ، وطلب العلم صغيرا ، وجدّ واجتهد وحصّل ، وأدرك الأكابر وأخذ عنهم ، وكانت له الصّدارة بين علماء مكّة آنذاك ، وأجلّ شيوخه : الحبيب حسين الحبشيّ ، والشّيخ بابصيل ، وباجنيد ، وصالح بافضل ، وعبد الرّحمن وأسعد آل الدّهّان. ومن أراد التّوسّع في ترجمته .. فلينظر «تاج الأعراس» ، و «الدّليل المشير» ، و «سير وتراجم».
(٣) البيت من الطّويل.
(٤) بارح : فارق. الكمام : الغطاء أو البرعم الّذي يكون فيه الزّهر. والمعنى : كأنّه الوردة المتفتّحة الّتي فارقت برعمها وصارت زهرة.
(٥) البيت من البسيط ، وهو للبحتريّ في «ديوانه» (٢ / ٢٢) ، وفيه بعض التّغيير في بعض الكلمات.