له ورع حاجز (١) وزهد ناجز (٢) ، وخوف من الله يحفيه (٣) ، وجهد في العبادة يخفيه ، إلى نفس سليمة ، وسير قويمة ، وتواضع يدلّ لارتفاع القيمة ، مع جاه عظيم ، يبذله لكلّ كريم ، فكم قضيت به مغارم ، وبنيت منه مكارم.
وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعة |
|
من جاهه فكأنّها من ماله (٤) |
توفّي بمكّة المشرّفة في المحرّم من سنة (١٣٦٧ ه) ، فاشتدّ الرّنين ، وانجدع العرنين (٥) ، وعظم المصاب ، وأظلمت الحصاب (٦).
وله أخوان على قدم الصّلاح والعبادة والتّواضع ، وهما : أبو بكر وعبد القادر ، لم تزل مجالسه معمورة بهم وبأولاده ؛ وهم : حسن وعليّ وفضل وسالم وعمر ومحمّد ، وأولاد عمّهم : حسين وهاشم ابني عبد القادر ، ومحمّد بن أبي بكر ، نسأل الله تحقيق الآمال ، وإصلاح الأعمال ، وأن لا يشغلنا ولا أحدا منهم بحبّ المال.
ومنهم السّيّد أحمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد البارّ ، وولداه : عمر وعبد الله ، يسكنون الآن برابغ.
وفي القرين جماعات من آل بامشموس ؛ ومنهم : الشيخ محمّد بن أحمد بامشموس ، كان من رجال العلم والفضل ، والتّقوى والعبادة والنّور ، وكان الشّيخ محمّد بن ياسين باقيس يقول : إنّ الشّيخ محمّد بامشموس نظيف الظّاهر والباطن ، كأنّه ملك دخانيّ.
__________________
(١) الورع : ترك الشّبهات. حاجز : يحجزه عن الوقوع في المحرمات.
(٢) الزهد : ترك الشّيء المقدور عليه لله. ناجز : تامّ حاضر.
(٣) يحفيه : يمنعه ، ولهذا الكلام في علم البلاغة نكتة لطيفة ؛ إذ عندما يحذف القائل المفعول به .. فإنّما يريد العموم ، والمراد هنا : أنّه يمنعه من كلّ ما شأنه أن يمتنع منه. والله أعلم.
(٤) البيت من الكامل ، وهو لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٢٩).
(٥) انجدع : قطع. العرنين : الأنف ، وهو كناية عن الذّلّ.
(٦) الحصاب : موضع رمي الجمار ، وإظلام الحصاب كناية على أنّ المصائب تأتي خبط عشواء ؛ كما ترمى جمار العقبة إذا كانت مظلمة.