ومنهم : الفاضل الشّيخ محمّد بن محمد بلخير ، ورد إلى سيئون من دوعن وهو في العاشرة من عمره ، فآواه والدي وتربّى في دارنا ، وعنه تعلّمت والدتي ـ الشّريفة ، الجليلة العفيفة ، نور بنت محمّد بن سقّاف مولى خيله ـ المتوفّاة سنة (١٣٤٠ ه) ـ الكتابة ، وعليه قرأت القرآن.
وقد لبث زمنا طويلا يتعلّم الفقه والنّحو والعلوم الشّرعيّة على والدي ، وعلى تلميذه وخادمه الشّيخ محمّد بن عليّ الدّثنيّ في دارنا ، على نفقة والدنا.
وكان الشّيخ محمّد بلخير كثير التّوجّه والإقبال على التّعلّم ، حتّى لقد التزم بطريق النّذر الشّرعيّ أن لا ينام في كلّ ليلة حتّى يحفظ صفحة من «تحفة العلّامة ابن حجر» ، وكنّا نتعجّب من هذا النّذر الغريب في بابه ، حتّى رأينا ما جاء في (ص ٣٤ ج ٢) من «المشرع» عن السّيّد الجليل أبي بكر العدنيّ ابن سيّدنا عبد الله العيدروس : من التزامه بطريق النّذر الشّرعيّ مطالعة شيء من «الإحياء» للغزاليّ في كلّ يوم.
وما ذكره الثعالبيّ في «اليتيمة» : أنّ ابن سكرة الهاشميّ حلف بطلاق امرأته وهي ابنة عمّه أن لا يخلي بياض يوم من هجاء القينة السّوداء المعروفة بخمرة ، فكانت امرأته تجيئه بالدّواة والقرطاس كلّما انفتل من صلاة الصّبح ، ثمّ لا تفارق مصلّاه حتّى يقرض في هجائها ولو بيتا.
وكان الشّيخ محمّد بلخير هذا يتناوب السّفر مع إخوانه إلى سنغافورة ، ولهم هناك سدانة (١) مشهد السّيّد الصّالح نوح بن محمّد بن أحمد الحبشيّ المتوفّى سنة (١٢٨٧ ه).
وعلى الجملة : فآل بلخير بيت علم وعبادة ، وتقوى وصلاح ، وضيافة وشهامة ، حسبما يليق بنسبهم الصميم.
ومن آل بلخير : الشّهم النّجيب ، عبد الله بن حسن بلخير (٢) ، ثقف
__________________
(١) السّدانة : الخدمة.
(٢) صوابه : عبد الله بن عمر.