ويبيت يحلم بالمكارم والعلا |
|
حتّى يكون المجد جلّ منامه (١) |
لا يصعد قلّة .. إلّا تسنّم ذراها ، ثمّ اندفع إلى ما وراها.
ما زال يسبق حتّى قال حاسده : |
|
له طريق إلى العلياء مختصر (٢) |
ينقطع دونه الكلام ، وتتحيّر في وصفه الأقلام.
لم أجر غاية فكري منه في صفة |
|
إلّا وجدت مداها غاية الأبد (٣) |
له همم تنفسخ منها الجبال ، فضلا عن قوائم الرّجال.
همّة تنطح النّجوم بروقي |
|
ها وعزّ يقلقل الأجبالا (٤) |
وقد بلغ من شهامته وكبر همّته أنّه كان يحاول إغناء العلويّين بحضرموت من أدناها إلى أقصاها مع تحمّله من الدّيون الّتي أثقلت كاهله ولذاك ، أشار عليه أبوه ـ من أجلها ـ أن يتوجّه إلى حيدرآباد ، وكان له بها قدر عظيم ، وشأن فخيم ، وأسلم على يده كثير من النّاس ، إلّا أنّه كان بين جنبيه نفس عظيمة ، غالى بها عن الكرام حتّى لم يكن الطّغرّائيّ إلّا كالسّوقة في جنب الملك حيث يقول :
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها |
|
فصنتها عن رخيص القدر مبتذل |
فوقع بذلك وبموافقته للعلّامتين أبي بكر بن شهاب ومحمّد بن عقيل في الإعراض عن السّلطان عوض بن عمر أن لاقاه ، واستعدّ لإنزاله في قصره ، وعمل لقدومه ضيافة عظيمة ، فتركها وكان في ذلك تمهيد السّبيل لمن كان يحسده من العلويّين ففتلوا في الذّرى والغوارب لفشله .. فلم يقع له ما يروم من أمله ولم يتيّسر قضاء دينه إلّا بعد انقضاء أجله ، ومنهم حسبما يتعالم النّاس : حسين وحسين وأبو حسين ـ ولا أدري كم عددهم يومئذ ؛ فإنّ المنايا تخطّفتهم ، والبلدان توزّعتهم ؛ فهم أقلّ بكثير ممّا
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو للبحتريّ في «ديوانه» (٢ / ٤١).
(٢) البيت من البسيط ، وهو للبحتريّ أيضا في «ديوانه» (٢ / ٣٠٩).
(٣) البيت من البسيط ، وهو للمتنبّي في «العكبريّ» (١ / ٣٥٢).
(٤) البيت من الخفيف ، وهو للمتنبّي في «العكبريّ» (٣ / ١٣٤) باختلاف بسيط. الرّوق : القرن.
يقلقل : يحرّك. الأجبالا : جمع جبل.