واتّفق أن وصل الشّيخ عليّ بن محمّد بن منصّر إلى المكلّا يتذمّر من مخالفة القعيطيّ لابن عبد الكريم ، فصادف سخطة القعيطيّ على الثّاني ، فحالف ابن منصّر بشرط أن يساعده على ابن عبد الكريم ، وما كاد يرجع إلى مكانه العرض .. حتّى أذكى نار الحرب على ابن عبد الكريم ، وجاءته نجدة القعيطيّ بقيادة عبد الله بن امبارك القعيطيّ ، فلم يثبت ابن عبد الكريم إلّا نحوا من أربعين يوما ، ثمّ هرب إلى جهة القبلة ، فصادف أحد زعماء العموديّين ، وهو : الشّيخ محمّد بن عبد الرّبّ ، فجمع له عسكرا كثيفا هاجم به الخريبة فاستولى عليها ، ودارت المفاوضات بينه وبين ابن منصّر صاحب العرض فانضمّ إليه ، وعند ذلك تراجعت عساكر القعيطيّ إلى الهجرين ، وغضب السّلطان غالب لذلك ، وأرسل عسكرا مجرا (١) بقيادة عبد الخالق ابن الماس عمر مولاهم ، ولاقاه صلاح بن محمّد القعيطيّ ـ من القطن ـ مددا له بمن كان معه ، وبفلول العساكر الّتي بالهجرين ، وعند ذلك قالوا لآل العموديّ : اهبطوا منها جميعا ، فانهزموا ولم يجدوا لهم ملجأ ولا مدّخرا إلّا الشّيخ صالح بن عبد الله العموديّ المحافظ على محايدته ، فنزلوا عليه .. فآواهم ، وكان ذلك في سنة (١٣١٧ ه).
وكان من رأي الأمير صلاح بن محمّد وعبد الخالق أن يطاردوهم وينتزعوهم من بضه ، لكنّ السّلطان غالب بن عوض كان كريما ، يجلّ الكرام ، فنهاهم عن ذلك احتراما للشّيخ صالح بن عبد الله ، وبإثر ذلك انتحر عبد الخالق الماس في القويرة ، ولم تطل أيّام الأمير صلاح .. بل مات وشيكا في سنة (١٣١٨ ه). وب «الأصل» تفصيل تلك الحوادث.
وأسند القعيطيّ عمالة وادي الأيمن للمقدّم عمر بن أحمد باصرّة ، وكان ما قد أسلفناه في عوره ، وبعد أن استولى القعيطيّ على الوادي الأيمن .. حمل المقدّم باصرّة كلّ أسلحة الدّهاء لحمل القعيطيّ على التهام الوادي الأيسر ، ولم يزل يتحيّن الفرص للوثوب عليه ؛ لما في قلبه من البغضة للحالكة.
__________________
(١) عسكرا مجرا : جيشا عظيما.