وهي المذكورة أيضا في قوله السّابق بعندل [من الطّويل] :
كأنّي لم أله بدمّون ليلة |
|
ولم أشهد الغارات يوما بعندل |
ومتى عرفت هذا .. تقرب لك قول «القاموس» : (والهجران قريتان متقابلتان ، في رأس جبل حصين قرب حضرموت ، يقال لإحداهما : خيدون ، وللأخرى : دمّون).
قال ابن الحائك : (وساكن خودون : الصّدف ، وساكن دمّون : بنو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار) اه (١)
والظّاهر أنّه لم يأخذ سكنى بني الحارث عن نصّ ، وإنّما استنتجه من شعر امرىء القيس ، ولا دليل فيه ؛ لأنّه إنّما لجأ إلى دمّون بعد ما طرده أبوه من أجل الشّعر ، كما في شرح (اليوم خمر وغدا أمر) من «أمثال الميدانيّ» [٢ / ٤١٧ ـ ٤١٨] ، ما لم يكن ابن الحائك يعني أعقابا لامرىء القيس في هذه البلاد لم ينته خبرهم إلينا.
وقول «القاموس» : (قريتان متقابلتان) صحيح ؛ لأنّ إحداهما في حضن الجبل الأيمن والأخرى في حضنه الأيسر ، فهما متقابلتان في الموقع ، أمّا في النّظر .. فيحول بينهما سنام الجبل ، ومنه يتبيّن لك وهمه إذ قال : (في رأس الجبل) وإنّما هما في جنبيه ، هذه حالتهما اليوم ، أمّا في ما مضى .. فلا يبعد التّناظر ؛ لاحتمال اتّصال العمارة إذ ذاك (٢).
أمّا قوله : (قريب من حضرموت) فمن أخطائه في حدودها ، وقد اضطرب كلامه وكلام «شرحه» في ذلك ؛ ففي دوعن منه : (ودوعن كجوهر واد بحضرموت وهو أبعد من الهجرين).
وفي مادّة (مأرب) يوسّع حضرموت جدّا ، فيقول : (إنّ مأرب في آخر جبال حضرموت). وفي (شبوة) يضيّق حدّها ، ويقول : (إنّها بلد بين مأرب وحضرموت).
__________________
(١) صفة جزيرة العرب (١٦٧ ـ ١٦٨).
(٢) ينظر ملاحظات بامطرف على «الصفة» للهمداني ، نشرت في مجلة العرب.