وعثتر ـ بعين ، ثمّ ثاء مثلّثة ، ثمّ تاء مثنّاة من فوق ـ : صنم مشهور.
وقد بقي من آثار ذلك المعبد عدّة أسطوانات قائمات إلى ارتفاع خمسة أذرع ، وعلى رأسها مرادم ضخمة ، لا يقدر النّاس على رفعها ، في غاية من الجمال الهندسيّ.
وبلغني أنّ بعض الأجانب استخرج أسماء اثنين وثلاثين ملكا من الآثار الّتي بالجوف ، لكن بدون ترتيب ، والأجانب يخادعون أهل اليمن في مفاد تلك النّقوش ، ولكن .. قد انكشفت خلابتهم بمعرفتهم لقواعده (١).
والإفرنج يزعمون أنّ مملكة معين ظهرت في الألف الثّاني قبل الإسلام ، وأنّها أقوى وأغنى من مملكة سبأ ، وأنّ ملكها بلغ إلى غزّة ، وأنّ سلطانها انتقل إلى سبأ الّتي بدأت قوّتها في الظّهور أواخر أيّام مملكة معين ، وهو كلام متناقض ؛ لأنّ مملكة سبأ أقدم من ذلك بكثير ، وكلاهما من فروع الممالك القحطانيّة (٢).
وقحطان : هو ابن هود على ما يأتي في نسبه عند ذكره ، وهود عليه السّلام نبيّ عاد ، وقد نصّ القرآن على أنّ ملك عاد عقب نوح ، وذلك حيث يقول في سورة الأعراف : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فزعم أنّ عادا وثمود تفرّعوا عن الحمّورابيّين غلط ؛ لأنّهم أقدم من ذلك ، وفي «التّيجان» لابن هشام : أنّ عمرو بن القيس بن بابليون كان ملكا على مصر في أيّام إبراهيم عليه السلام ، وعمرو هذا من أهل سبأ.
قال الهمدانيّ في «الإكليل» : ما أعلم أحدا استوفى ما ذكره أبو علكم المرّاني ، أحد رجال همدان [من البسيط] :
نحن المقاول والأملاك قد علمت |
|
أهل المواشي بأنّا أهل غمدانا |
وأنّنا ربّ بينون وأضرعة |
|
والشّيد من هكر ناهيك بنيانا |
__________________
(١) خلابتهم : خداعهم.
(٢) ينظر للمزيد عن معين : «تاريخ اليمن القديم» (٢٥) .. وما بعدها.