للإنكار عليه ، فلمّا استقرّ بمنزله .. أطلع له جواريه يغنّين ، فطرب حتّى ضرب برجله الأرض ولم يثرّب ، فلمّا خرج ومعه عمرو بن العاصي .. قال له : إنّك لشرّ ممّن جئت للإنكار عليه ، فقال له : إنّ الكريم طروب (١). وتحقيق هذه المسألة في كتابي «بلابل التّغريد».
وممّن أخذ عن الشّيخ عبد الرّحمن باهرمز : ابن أخيه ـ السّابق ذكره ـ إبراهيم بن عبد الله بن عمر باهرمز.
وآل باهرمز منتشرون بالكسر وشبام والقبلة والمكلّا ؛ منهم الآن بها : الشّيخ عبد الرّحمن بن عوض باهرمز ، تاجر ، محبّ للخير ، كثير الصّلاح ، وابنه عبد الله مشارك في طلب العلم ، وله نباهة وتقوى وديانة وورع حاجز.
ومن أهل هينن : الشّيخ سعيد بن سالم الشّوّاف (٢) ، صاحب القصيدة المشهورة ب «قصعة العسل» ؛ لحلاوتها وعذوبتها ، وهو ـ كما في «المشرع» [٢ / ١٢٥] ـ (من تلاميذ الحبيب أحمد بن حسين بن عبد الله العيدروس ، المتوفّى سنة (٩٦٨ ه) ، نشأ ابن الشّوّاف في بلاده ، ثمّ ارتحل إلى تريم للكسب وطلب العلم ، ثمّ طوّحت به الغربة إلى وردة مصبح ـ قرية في المشقاص ، يضرب بها المثل في البعد ـ وكان من أهل الأحوال ، وكان يقابل كلّ من لقيه من أبناء العلماء والصّالحين بإجلال عظيم ، حتّى نهاه الشّيخ إبراهيم بن عبد الله هرمز ، وقال له : يا سالم ؛ إنّ كتم الحرمة لمثل
__________________
(١) إنّ الكريم طروب : قال في «المستقصى في أمثال العرب» (١ / ٣٤١): (يراد به أن الأريحيّة تهزّه ، وليس كاللّئيم الّذي تمكّنت القساوة والجفاء من طبعه .. فهو من الممادح).
والقصّة كما في «تاريخ الطّبريّ» (٣ / ٢٦٨) ، و «الكامل» لابن الأثير (٣ / ٣٧٤): (لام معاوية عبد الله بن جعفر رضي الله عنهم على الغناء ، فدخل عبد الله على معاوية ، وكان مع عبد الله بريح ، وكان معاوية قد وضع رجلا على الأخرى ، فقال عبد الله لبريح : إيه يا بريح ، فتغنّى .. فحرّك معاوية رجله ، فقال عبد الله : مه يا أمير المؤمنين ، فقال معاوية : إنّ الكريم طروب).
(٢) الشيخ سعيد بن سالم الشوّاف ، ولد بهينن سنة (٩٢٥ ه) ، توفي بريدة المشقاص ببلدة يقال لها : (وردة مصبّح ـ أو مسبح) سنة (٩٩٠ ه) ، «الشعراء» (١ / ١٧٧ ـ ١٧٩).