وهو في عدّة أبيات لها قصّة طويلة ، أوردها الهمدانيّ في «الإكليل» [٨ / ١٣١] وغيره (١).
__________________
(١) والقصّة كما في «الإكليل» : قال هشام بن محمّد قال : أبو يحيى السجستانيّ عن مرّة بن عمر الأيليّ عن الإصبغ بن نباتة قال : إنّا لجلوس عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في مدّة أبي بكر رضي الله عنه .. إذ أقبل رجل حضرميّ من بلاد حضرموت لم أر أطول منه ، فاستشرفه النّاس وراعهم منظره ، وأقبل جوادا حتّى وقف وسلّم وجاء ثمّ جلس ، فكثر إدناء النّاس منه مجلسا ، فقال : من عميدكم؟
فأشاروا إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
فقال : أهذا ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعالم النّاس المأخوذ عنه؟
قيل : نعم.
فقال الحضرميّ :
أبلغ كلامي هداك الله من هاد |
|
وافرج بعلمك عن ذي غلّة صاد |
جاب التّنائف من وادي سكاك إلى |
|
ذات الأماحل من بطحاء أجياد |
تلفّه الدّمنة البوغاء معتمدا |
|
إلى السّداد وتعليم بإرشاد |
سمعت بالدّين دين الحقّ جاء به |
|
محمّد وهو قرم الحضر والبادي |
فجئت منتقلا من دين طاغية |
|
ومن عبادة أوثان وأنداد |
ومن ذبائح أعياد مضلّلة |
|
نسيكها خائب ذو لوثة عاد |
فادلل على القصد واجل الرّيب عن خلدي |
|
بشرعة ذات إيضاح وإرشاد |
والمم بهدي هداك الله من شعثي |
|
وإهدني إنّك المشهور بالنّادي |
إنّ الهداية للإيمان نائبة |
|
عن العمى والتّقى من خير أزواد |
وليس يفرج ريب الكفر عن خلد |
|
أقضّه الجهل إلّا حيّة الوادي |
قال : فأعجب عليّا شعره ، وقال له : لله درّك ما أرصن شعرك!! ممّن أنت؟
قال : أنا من حضرموت. قال : فسرّ به علي رضي الله عنه وشرع عليه الإسلام .. فأسلم على يديه ، ثمّ أتى أبا بكر وأسمعه شعره .. فأعجبه وحسن إسلام الرّجل.
ثمّ أتى عليّا رضي الله عنه يسأله ذات يوم ونحن مجتمعون للحديث ، فقال : أعالم أنت بحضرموت. قال : إذا جهلتها .. فما أعلم غيرها. قال : أتعرف موضع الأحقاف؟ قال : كأنّك تسأل عن قبر هود. قال عليّ : لله درّك! ما أخطأت. قال : نعم ، خرجت وأنا في عنفوان الشباب في أغلمة من الحيّ ونحن نريد أن نأتي قبره لبعد صوته فينا ، وكثرة من ينكره.
فسرنا في وادي الأحقاف أيّاما ، وفينا رجل قد عرف الموضع حتّى انتهينا إلى كثيب أحمر فيه كهوف مشرفة .. فانتهى بنا ذلك الرّجل إلى كهف منها ، فدخلناه ، فأمعنّا فيه ، فانتهينا إلى حجرين قد