ب (الزّلزلة) .. سنحت له الفرصة ، فقطع الصّلاة ، وقال له : زلزل الله بوالديك يا شرّ المشايخ! وهل للزّلزلة مكان بعد ما نحن فيه؟ الجمعدار مزلزل ، والمحضار مبهذل ، وأنا مسفّل ، ثمّ تأتي لنا فوق ذلك بالزّلزلة.
وهكذا سمعتها ، ولكنّ وجود السّيّد حسين بن حامد لذلك العهد بصفة النّديم أو نحوه للجمعدار عبد الله .. لا يخلو من البعد .. فلعلّ النّظر انتقل عن أبيه أو غيره إليه.
ومنها : أنّه مرّ بشباميّ ويهوديّ يتلاطمان في عدن ، فلمّا أراد أن يبطش بالّذي هو عدوّ لهما .. انسلّ الشّباميّ ، وترك زينا مع اليهوديّ ، حتّى حجز بينهما الشّرط ، وساقوهما إلى السّجن ، فسأل زين عن المقرّبين لدى الحكومة ، فقيل له : صالح جعفر ، فأرسل إليه .. فوصل ، فاستخفّ روحه ، فضمن عليه وأخذه إلى داره وأكرم مثواه ، فرأى عنده من النّعمة ما لا يعرف شيئا منه في بيوت آل شبام بعدن ، فانقطع عنهم ، وما زالوا يبحثون عنه حتّى ظفروا به ، فسبّهم وقال : لقد خرجت من النّار إلى الجنّة. قالوا : لكنّك لا تدري ما حال صالح جعفر. قال : وما حاله؟ قالوا : يبغض الشّيخين أبا بكر وعمر. فاستعظمها ، وقال : إذا كان يبغض هذين .. فأيّ دين له ، ومن يحبّ؟ قالوا : لا يحبّ إلّا فاطمة وزوجها وأولادها رضي الله عنهم. فازدهر وجهه بعد العبوس ، وقال : أمّا إذا كان يحبّ أهلي .. فليبغض من شاء ، وأنا كبدي محترقة من بو بكر لعجم وعمر بن بو بكر باذيب ، فسألعنهما جبرا لخاطره.
ثمّ نهض من فوره ودخل على صالح جعفر فأوهم أنّه عثر .. فقال : لعنة الله على أبي بكر وعمر (١).
__________________
(١) وفي فعله هذا تورية عن سب الشيخين رضي الله عنهما بسب معاصريه ، ولفعله شواهد كثيرة كقصة الإمام مع المأمون في مسألة خلق القرآن وغيرها ، ولكن رغم ذلك لم يخرج عن الإعذار ؛ فإنه لا يجوز لعن المعيّن ، بل هو حرام ، وكان على المؤلف رحمه الله أن لا يذكر الأشخاص كما فعل السيد صالح الحامد في «رحلته» ؛ فإنه ذكر الحكاية بدون ذكر الأشخاص.