ضيّقة ، وجوّها ليس بالنّقيّ ؛ لكثرة مياه المراحيض (١) ، مع أنّ الشّمس لا تتخلّلها لطول ديارها ، فلا تقصر ما بها من الجراثيم.
وقد بلغني أنّ المتوفّاة بالسّلّ من نسائها كثير ، ومن كلام الحبيب أحمد بن عمر بن سميط عن الحبيب جعفر بن أحمد الحبشيّ : أنّ جوّ شبام كان طيّبا يشبه جوّ قارّة الصّناهجة ، وإنّما عرض لها الوخم من البواليع ومجاري القاذورات.
وكان لهم تشدّد بليغ في الحجاب ، حتّى إنّ أكثرهنّ لا تخرج إلّا جنازتها من سدة البلاد.
وقد اتّفق أن دخلت ساعة من نهار دار الشّيخ أحمد كويران ، فحدث لي اتّعاظ عظيم ، واقشعرّ جلدي ، وترطّب خدّي ، وذكرت ضيق القبور ، نسأل الله العافية والسّلامة.
وكانت بنت الشّيخ أحمد كويران هذا تحت الشّيخ جمعان بشير ، وقد ابتنى له ولعمّه دارا في جنوبنا ، حيث الفضاء الرّحب والهواء الطلق ، والنّسيم النّقيّ ، ومع ذلك فلا يبعد أن تحنّ إلى دار أبيها ، ومسقط رأسها ؛ فقد قال الأوّل [من الطّويل] :
وقد تعشق الأرض الّتي لا هوى بها |
|
ولا ماؤها عذب ولكنّها الوطن |
وكنت حريصا على سؤال الشّيخ جمعان عن ذلك ، ولكنّه كلّما جاءني في الأعياد .. نسيت.
أمّا ديار شبام الّتي تشرف على الفضاء من أطرافها .. فمن أجمل ما يكون ؛ لأنّ المناظر الّتي حواليها جميلة ، والفضاء واسع ، ولا سيّما في أيّام الخصب ، وأثاث الزّروع ، وانتعاش النّخيل ، إلّا أنّ الفضاء يقلّ في الجهة الجنوبيّة (٢) لقرب الجبل ، وأمّا في الثّلاث .. فإلى أبعد من مدّ النّظر.
__________________
(١) كان ذلك في السابق ، أما بعد زمن المؤلف .. فقد أدخلت المواسير والأنابيب ولم تعد المجاري مكشوفة.
(٢) وهي المشرفة على جبل الخبّة والسحيل والبطحاء.