كلم غالية ، وهمم عالية ، ووجه أبيض ، وبنان مبسوط.
مجد رعى تلعات الدّهر وهو فتى |
|
حتّى غدا الدّهر يمشي مشية الهرم (١) |
بناه بأس وجود صادق ومتى |
|
تبنى العلا من سوى هذين تنهدم |
لم يزل معمور الفناء ، مفتوح الباب ، مهزول الفصيل (٢) ، يقصد بالآمال ، وتشدّ إليه الرّحال ، وقور الرّكن ، أصيل الرّأي.
ما تملّيت مثل ذاك الحجا المع |
|
رق في الحلم والسّجايا العتاق (٣) |
خالص الودّ والتّقى في زمان |
|
فرّخت فيه أمّهات النّفاق |
لقد كان لآل كثير ركنا ركينا ، وحصنا حصينا ، ولمّا مات في سنة (١٣٤١ ه) .. افترق ملؤهم ، واضطرب حبلهم ، فجاء موضع قول عبدة بن الطّيّب [من الطّويل]
وما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنّه بنيان قوم تهدّما |
وكان هو صاحب الضّلع الأقوى في حرب قسبل المفصّل خبرها ب «الأصل».
وفي العقده الآن ديار شاهقة ، ومنازل ضخمة ، كلّها لآل جعفر بن سالم. ولم يضنّ الشّيخ أحمد بن طالب بميراث أبيه ، بل بقي يبذل حقوق العزّ والدّين فيه ، فانطبق على كاسب ذلك ما قال ابن مطير [من الطّويل] :
فتى عيش في معروفه بعد موته |
|
كما كان بعد السّيل مجراه مرتعا |
وبما أنّ الكرام عرضة البلاء والامتحان .. فقد أصيب أحمد هذا بريح لا يزال منه أسير الفراش ، ولكنّه ممتّع بالعقل والإحساس ، وكلّ أمر أهون من غيره ، والله مع الصّابرين.
__________________
ما لي أرى أبوابهم مهجورة |
|
وكأنّ بابك مجمع الأسواق |
حابوك أم هابوك أم شاموا النّدى |
|
بيديك فاجتمعوا من الآفاق |
إنّي رأيتك للمكارم عاشقا |
|
والمكرمات قليلة العشّاق |
(١) البيتان من البسيط ، وهما لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٩٥).
(٢) مهزول الفيصل : يضرب مثلا لمن كثرت ضيوفه ، وكثر منه نحر الفصائل ، فلم تتوفر عنده حتى تسمن.
(٣) البيتان من الخفيف ، وهما أيضا لأبي تمّام في «ديوانه» (١ / ٤٥٤ ـ ٤٥٥).