وفقراء أخيار صالحون ، دفن بشبام ، وتربته من التّرب المشهورة ، المقصودة بالزّيارة من الأماكن الشّاسعة ، ومنصبهم من أعلى مناصب حضرموت) اه (١)
وقوله : (إنّ الغرفة بأعلى حضرموت) .. من الأوهام ، وكذلك قوله : (إنّ الشّيخ عبد الله أوّل من اشتهر بالتّصوّف). وأمّا قوله : (إنّ منصبهم من أعلى مناصب حضرموت) .. فنعم كما سيأتي.
ومن أكبر مناصبهم : الشّيخ محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن عبّاد (٢) ، الّذي يقال له : صاحب الجابية ؛ لأنّه بنى جابية للواردين عليه من الحنفيّة ، ولا يزال في ضيافته خمس مئة نفر غير الطّارئين. وكان حمّالا للأثقال ، يتحمّل المغارم ، ويدفع المظالم.
وفي مناقبه : أنّ أحد أهل اليمن ساءت حاله ، ولزمه دين يقدّر بمئة دينار ، وانقطعت به الحيل ، وانسدّت في وجهه الأبواب ، فطوى البلاد سائرا إلى الغرفة ، فاستجهره ما رأى من عظيم حال الشّيخ وكثرة وفوده ، فهابه ولم يقدر على مكالمته ، إلى أن سنحت له الفرصة ، فذكر له حاله ، فأعطاه ألف دينار ، ولمّا كان في أثناء الطّريق .. انتهبه اللّصوص ، فعاد أدراجه إلى الغرفة حرّان (٣) آسفا (٤) ، فعوّضه الشّيخ بألف آخر أعطاه به تحويلا إلى الشّحر كيلا يأخذه اللّصوص مرّة أخرى. وبالثّمرة الواحدة تعرف الشّجرة.
وكان للشّيخ عبد الله القديم ولذرّيّته من بعده تعلّق عظيم بالعلويّين ، وسمعت من بعض المشايخ أنّهم أوّل من سنّ تقبيل أيدي العلويّين بحضرموت ، إلّا أنّه حصل بعد ذلك ما يقتضي التّنافر ، وأوّله ـ فيما أظنّ ـ ما وقع في زمان الشّيخ عمر المحضار
__________________
(١) نسبة البلدان (خ / ١٨٩).
(٢) توفي الشيخ محمد هذا سنة (٨٠٥ ه) ، كما في «شنبل» (١٥٦) ، و «الحامد» (٢ / ٢٨٤).
أما والده الشيخ عبد الله بن محمد .. فيلقب بعبد الله الأخير ؛ تمييزا له عن الشيخ عبد الله بن محمد القديم المتقدم الذكر ، توفي هذا الأخير في (٢٥) رجب سنة (٧٦٣ ه) «شنبل» (١٣٠).
(٣) حرّان : عطشان.
(٤) آسفا : شديد الحزن.