السّقّاف (١) وأكثر من التّردّد إليه ، ثمّ ابتنى به دارا وعمّر ذلك المسجد ، وزاد فيه زاوية ، فعاد موئلا لكلّ شارد ، وكيف لا وقد حلّ به بكر عطارد (٢)؟
أغرّ أبلج تأتمّ الهداة به |
|
كأنّه علم في رأسه نار (٣) |
له مناقب كثيرة ، وفضائل شهيرة ، وقد ترجمه العلّامة الشّيخ عبد الله بن سعد بن سمير ـ السّابق ذكره في ذي أصبح ـ بكتاب سمّاه : «المنهل العذب الصّاف» (٤) ، جمع فيه وأوعى ، ومع ذلك فسيّدنا عمر بن سقّاف حقيق بقول شاعر «الخريدة» [من البسيط] :
قد حلّ في مدرج العلياء مرتبة |
|
مطامح الشّهب عن غاياتها تقف |
أغرى بوصف معاليه الورى شغفا |
|
لكنّه والمعالي فوق ما وصفوا |
وفي كلام الحبيب أحمد بن عمر بن سميط : (أنّه ـ أعني الحبيب عمر بن سقّاف ـ يقول كلّما قام أو قعد : «الله ، لا شريك مع الله» ؛ لأنّ الأكابر يعبدون الله بخالص التّوحيد) اه
وفيه تأكيد لما أسلفناه عمّا قريب.
توفّي سنة (١٢١٦ ه) وله عدّة تآليف ، وأشعار بعضها جيّد إلّا أنّه كان لدينا حاد ثقيل روح أملّني بتكرير قصيدة من أدائه يتواجد عليها حتّى أضجرني وصرفني عنه جملة ، وكنت في ذلك كما قال معن بن أوس [من الطّويل] :
إذا انصرفت نفسي عن الشّيء لم تكن |
|
إليه بوجه آخر الدّهر تقبل |
__________________
(١) الحبيب عمر بن سقاف (١١٥٤ ـ ١٢١٦ ه) : ولد بسيئون ، وتربى على يد أبيه الإمام ، وجده لأمه الحبيب علي بن عبد الله السقاف ، قرأ القرآن وهو ابن أربع سنوات ، وحفظه وهو ابن ست ، ومناقبه فخيمة ، وأحواله جسيمة. ينظر : «التلخيص الشافي» (٥٨ ـ ٦٢).
(٢) البكر : أوّل أولاد المرأة. عطارد : نجم من النّجوم السّيّارة. وهذا كناية عن التّفرّد.
(٣) البيت من البسيط ، وهو للخنساء في «ديوانها» (٢٣٠). الأغرّ : المشهور. الأبلج : الأبيض الوجه. تأتمّ : تقتدي. الهداة : الأدلّاء ، الّذين يهتدى بهم في الأمور والشّرف. العلم : الجبل المرتفع.
(٤) واسمه كاملا : «المنهل العذب الصاف في مناقب الحبيب عمر بن سقاف».