بل سبق في شبام عن الجدّ طه ما يفهم منه أنّها لم تكن في أيّامه إلّا قرية ، مع أنّه متأخّر التّاريخ.
وأخبرني السّيّد عمر بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عمر بن سقّاف عن والده : (أنّ سيئون اسم امرأة كان لها عريش في جانب سيئون الغربيّ ، المسمّى اليوم بالسّحيل ، يمرّ عليها أبناء السّبيل المنقطعون ، فسمّيت باسمها البلاد).
وقد يجمع بينه وبين بعض ما تقدّم بأنّ اسم سيئون الأوّل إنّما هو شزن ـ حسبما مرّ عن الهمدانيّ ـ ثمّ خربت ، وكانت المرأة المسمّاة سيئون أوّل من اتّخذت عريشا في أطلالها الدّاثرة .. فغلب عليها اسمها.
وحدّثني السّيّد المؤرّخ الرّاوية محمّد بن عقيل بن يحيى : أنّ سيئون اسم يهوديّ محرّف عن صهيون ، وقد كان مثرى اليهود بسيئون. وصهيون كنيسة بيت المقدس ، وإليها يشير الأعشى في مديحه لأساقفة نجران بقوله [في «ديوانه» ٢٤٣ من الطّويل] :
وإن أجلبت صهيون يوما عليكما |
|
فإنّ رحا الحرب الدّكوك رحاكما (١) |
وفي (ص ٣٠٩ ج ٥) من «صبح الأعشى» : (إنّ صهيون بيعة (٢) قديمة البناء بالإسكندريّة ، معظّمة عند النّصارى).
وقبله من تلك الصّفحة ـ في الكلام على بطارقة الإسكندريّة الّذين تنشّأ عن ولايتهم مملكة الحبشة ـ : (إنّ الملك الأكبر الحاكم على جميع أقطارهم يسمّى بلغتهم : (الحطيّ) ومعناه : السّلطان ، وهو لقب لكلّ من قام عليهم ملكا كبيرا. ويقال : إنّ تحت يده تسعة وتسعين ملكا ، وهو تمام المئة. وإنّ الملك الكبير في زمن صاحب «مسالك الأبصار» يقال له : عمد سيئون ، ومعناه : ركن صهيون) اه
وهو كالصّريح في أنّ سيئون وصهيون شيء واحد.
ورأيت في بعض الصّحف أنّ اليهود قدّموا عريضة على يد أحد زعمائهم للسّلطان
__________________
(١) «معجم البلدان» (٣ / ٤٣٦). الحرب الدّكوك : المدمّرة.
(٢) البيعة : متعبد النصارى ، جمعها : بيع ، ذكرت في القرآن الكريم.