عبد الحميد رحمه الله يسترحمونه في أن يعيّن قطعة من فلسطين لسكنى اليهود الّذين قتلهم الضّغط في روسيا وإسبانيا ، وفيها ما صورته : إنّ جمعيّة سيئون الّتي تشكّلت في صهيون بعد الميلاد بمئة وخمسة وثلاثين سنة قد اختارتني للمثول بين يديكم ؛ لأقدّم لكم هذه العريضة. وتسترحم الجمعيّة اليهوديّة من صاحب الجلالة التّكرّم بتخصيص القطعة الفلانيّة ـ وحدّدها ـ لإسكان اليهود.
ونظرا لما انتاب خزينة الدّولة من الضّائقة الماليّة من جرّاء الحرب اليونانيّة .. فإنّ الجمعيّة تقدّم بواسطتي عشرين مليون ليرة ذهبا لصندوق الخزينة على سبيل القرض لمدّة غير معيّنة بدون فائدة ، وخمسة ملايين ليرة ذهبا إلى خزينتكم الخاصّة ، لقاء ما تكرّمتم به من البرّ والإحسان ، وأسترحم قبول هذا العرض.
فلم يكن من السّلطان إلّا أن استشاط غضبا وطرده ، ولكنّ جمعيّة الاتحاد والتّرقّي جعلت ذلك الزّعيم اليهوديّ على رأس الهيئة الّتي جاءت لتبليغ السّلطان خلعه عن العرش ؛ لأنّ ذلك اليهوديّ كان من مؤسّسي تلك الجمعيّة!! وكان نائبا عن سبلانيك في مجلس المبعوثان. اه
ومنه تعرف أنّ سيئون اسم للجمعيّة الّتي ألّفت ، أو للّذين ألّفوها ، أو للمكان الّذي ألّفت فيه.
وقد ملأ العرب اليوم الدّنيا ضجيجا بشأن فلسطين ، وسننظر ـ كما في المثل الحضرميّ ـ أسيادنا آل باعبّاد على الصّراط ، فإمّا سبقناهم على الظّفر ، وإلّا .. كان للنّاس الحقّ أن ينشدوهم ما نكرّره من قول الحطيئة [في «ديوانه» ٤٠ من الطّويل] :
أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكم |
|
من اللّوم أو سدّوا المكان الّذي سدّوا |
وفي معناه ما أنشده الحجّاج [من الطّويل] :
ألام على عمرو ولو مات أو نأى |
|
لقلّ الّذي يغني غناءك يا عمرو |
إذ كان اليهود لا يطمعون في شبر من فلسطين أيّام الأتراك ، وعمّا قليل ينكشف الغبار عمّا في المضمار ، والبيت الّذي يتمثّل به الحجّاج شبيه بقول ابن عرادة السّعدي