وكان بخراسان مع سلمة بن زياد يكرمه وهو يتجنّى عليه ، ثمّ فارقه وصحب غيره فلم يحمد .. فعاد إليه وقال [من الطّويل] :
عتبت على سلم فلمّا فقدته |
|
وصاحبت أقواما .. بكيت على سلم |
رجعت إليه بعد تجريب غيره |
|
فكان كبرء بعد طول من السّقم |
وقال زياد ابن منقذ العدوي التميمي من قصيدة جزلة أنشأها بصنعاء يتشوق فيها إلى وطنه ببطن الرّمّة ـ وهو واد بنجد [في «ديوان الحماسة» ٢ / ١٥٣ من البسيط]
لم ألق بعدهم حيّا فأخبرهم |
|
إلّا يزيدهم حبّا إليّ هم |
وقال أبو العتاهية [في «ديوانه» ١٨ من الطّويل] :
جزى الله عنّي جعفرا بوفائه |
|
وأضعف إضعافا له بوفائه |
بلوت رجالا بعده في إخائهم |
|
فما ازددت إلّا رغبة في إخائه |
وقال أحمد بن أبي طاهر [من الوافر] :
بلوت النّاس في شرق وغرب |
|
وميّزت الكرام من اللّئام |
فردّني الزّمان إلى ابن يحيى |
|
عليّ بعد تجريب الأنام |
فإن نجح العرب حسبما يتبجّحون في هذه الأيّام .. فبها ونعمت ؛ لأنّها أمنيّة كلّ مؤمن ، وإلّا .. فما أخذوا إلّا يوم الثّور الأبيض (١) ؛ أي يوم نهض المنقذ ، وكانت نهضته فاتحة هزائم الأتراك الّتي اهتزّت لها منابر الدّنيا بالدّعاء لهم عدّة قرون.
__________________
(١) يوم الثور الأبيض ؛ مأخوذ من المثل : (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض) قال الميداني في «مجمع الأمثال» (١ / ٢٥): (يروى أن أمير المؤمنين عليا رضي الله تعالى عنه قال : إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كن في أجمة ؛ أبيض وأسود وأحمر ، ومعهنّ فيها أسد ، فكان لا يقدر منهن على شيء ؛ لاجتماعهنّ عليه ، فقال للثور الأسود والأحمر : لا يدلّ علينا في أجمتنا .. إلا الثور الأبيض ؛ فإن لونه مشهور ، ولوني على لونكما .. فلو تركتماني آكله .. صفت لنا الأجمة ، فقالا : دونك فكله ، فأكله ، ثم قال للأحمر : لوني على لونك .. فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة ، فقال : دونك فكله ، فأكله ، ثم قال للأحمر : إني آكلك لا محالة ، فقال : دعني أنادي ثلاثا ، فقال : افعل ، فنادى : ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
ثم قال علي رضي الله عنه : «ألا إني وهنت يوم قتل عثمان» يرفع بها صوته).