ولمّا شبّ .. ذهب إلى تريم ، فضجّ آل سيئون وراجعوه ، فعاد وتزوّج بها وبنى بها مسجده المشهور ، ولم يزل بها منفردا بالسّيادة إلى أن توفّي سنة (١٠٠٧ ه).
وله ابن اسمه : عمر ، له حالات شريفة ، طلب العلم ، ثمّ غلب عليه التّصوّف ، وأكبّ على «رسالة القشيريّ» ، ونقلها بخطّه ، وكتب سبعة كراريس منها في يوم واحد.
وكان له اتّصال أكيد بالسّادة آل عبد الله بن شيخ العيدروس في تريم ، لا ينزل هناك إلّا عليهم. وله عبادات جليلة ، وأوقات موزّعة ، توفّي بسيئون سنة (١٠٥٣ ه) (١).
وهو والد العلّامة الجليل طه بن عمر الثّاني ، المتوفّى بسيئون سنة (١٠٦٣ ه) المترجم له في «المشرع» [٢ / ٢٨٥] ، ورثاه جماعة من الشّعراء ، فكانت أبلغ مرثيّة فيه للشّيخ عمر بن محمّد باكثير.
وخلفه ولده عمر ، توفّي بمكّة سنة (١٠٨٥ ه) ، وسنّه سبع وعشرون سنة ، وخلفه ابنه محمّد بن عمر بن طه بن عمر.
وقد رسخت أقدام هذا البيت بسيئون ، غير أنّهم كانوا لا يزيدون على سبعة ، متى وجد لأحدهم ذكر .. مات أحد السّبعة حتّى كانت أيّام الجدّ سقّاف بن محمّد بن عمر بن طه المتوفّى سنة (١١٩٥ ه) (٢) ، فبدؤوا يتكاثرون ، ولم يمت إلّا وقد بلغوا الثّلاثين ، إلّا أنّ عصاهم انشقّت ، وأمرهم انفرج ، وكانوا ـ وهم قليل ـ خيرا منهم بعدما كثروا ، ولله درّ حبيب حيث يقول [في «ديوانه» ١ / ٣٣٠ من البسيط] :
إنّ الكرام كثير في البلاد وإن |
|
قلّوا ، كما غيرهم قلّ وإن كثروا (٣) |
__________________
(١) هو الحبيب عمر بن طه بن عمر الصافي الأول ، ولد بسيئون سنة (٩٩٠ ه) ، وبها توفي ضحى السبت (٢٠) جمادى الثانية (١٠٥٣ ه).
(٢) الحبيب سقاف بن محمد ، كان عالما شريفا عفيفا ، تولى القضاء ، وتولاه بعده عدد من أولاده ، أفرده بالترجمة ابنه حسن وهي المسماة : «نشر محاسن الأوصاف» ، وقد طبعت في مجلّد صدر عن دار المنهاج.
(٣) المعنى : إنّ الكرام لهم شأن عظيم وإن كان عددهم قليلا ؛ فهم قليلو العدد كثيرو الفائدة ، على العكس من اللّئام ؛ فإنّهم وإن كثر عددهم .. لكنّ فعلهم قليل ، ولا تأثير له.