تأثّما مدّة قصيرة ، ثمّ نزل عنه لأخيه علويّ (١) ، فلاقى عداء كبيرا من أبناء عمّه علويّ بن محمّد (٢) ، ثمّ نزل عنه لأخيه محمّد بن سقّاف (٣) ، ولم يحمد الحال بين محمّد هذا وأخويه عمر وعلويّ ، كما أشار إليه السّيّد أحمد بن حسن الحدّاد.
وكان السّيّد محمّد هذا شديدا ، حتّى لقد قتل أحد آل باجري مسكينا بسيئون في أيّام يافع .. فلم ترفع يافع رأسا بذلك ، وما كانت تسكت على مثل ذلك مع أنفها وإبائها إلّا لغرض ـ وكأنّه كان عندها دماء لآل باجري فأرادت المبادلة ـ فاشتدّ السّيّد محمّد بن سقّاف وقال : إمّا أن يسلّموا آل باجري القاتل للحكم الشّرعيّ ، وإمّا أن تحاربوهم.
وزجّهم في النّار ، فاهتمّوا بذلك وألجؤوا آل باجري على الخضوع للحقّ ، وبعد محاكمة صاحبهم وامتناع أولياء القتيل عن العفو .. قتل بالسّيف قصاصا أمام دار القاضي. هكذا بلغني عن أحدهم.
وبقي العلّامة السّيّد محمّد بن سقّاف هذا على القضاء إلى أن توفّي بسيئون سنة (١٢٢٢ ه) ، ثمّ لم يجد سيّدنا علويّ بن سقّاف بدّا من الرّجوع إليه ، فتولّاه إلى أن مات بسيئون سنة (١٢٣٥ ه) ، فأكره عليه ولده جدّنا المحسن (٤) ، وكان سنّه إذ ذاك نحو الأربعة وعشرين ربيعا ، ولكنّه أعين بالتّوفيق ، وكان آية في فصل الأحكام :
__________________
(١) هو العلامة الجليل ، علوي بن سقاف بن محمد .. ولد بسيئون ، وبها توفي سنة (١٢٣٥ ه) ، تولّى القضاء بسيئون وهو لم يجاوز الثانية والعشرين من عمره ، وهو أصغر أولاد أبيه ، وجد والد المؤلف.
ينظر : «التلخيص الشافي» (١٠٠ ـ ١٠٩) ، «تاريخ الشعراء» (٣ / ٥٥).
(٢) هو الحبيب علوي بن محمد بن عمر الصافي. أكبر إخوانه سنا ، توفي سنة (٧٠) أو (١١٧١ ه) ، وأولاده : حسن وحسين ومحمد.
(٣) العالم القاضي الفقيه ، ولد بسيئون سنة (١١٥٨ ه) ، وبها توفي سنة (١٢٢٢ ه). ينظر : «التلخيص الشافي» (٨٨ ـ ٨٩).
(٤) هو العلامة المصلح الحبيب محسن بن علوي بن سقّاف ، جد المؤلف مباشرة ، ولد سنة (١٢١١ ه) ، وتوفي سنة (١٢٩١ ه) ، له سيرة زكية ، ومناقب عطرة ، وأخبار كثيرة ، وله مصنفات. ينظر : «التلخيص الشافي» (١٠٩ ـ ١٢٥) ، «تاريخ الشعراء» (٤ / ١ ـ ٢١) ، «العدة المفيدة» عدة مواضع.