فيها بأن يكون له منها مستشار يقبل نصيحته في جميع الأمور ، ما عدا المسائل المتعلّقة بالدّيانة والعادة الإسلاميّة (١). وكان تمنّع الإمضاء على تلك المعاهدة زمانا طويلا ، ولكنّ الضّابط السيّاسيّ بمساعدة السّيّد أبي بكر بن شيخ الكاف أحفاه السّؤال حتّى رضي على شرط أن يكون الأمر سرّا ، فأمضى على وثيقة مكتوبة بالإنكليزيّة ، ولكنّهم أعلنوها في جريدة محميّة عدن ، ومنها نقلت نصّها المنشور ب «الأصل».
وفي يوم الخميس (١١) جمادى الأولى من سنة (١٣٦٦ ه) قرّرت الحكومة الكثيريّة مكوسا جائرة ـ لا تتحمّلها الجبال فضلا عن الرّجال ـ على كلّ ما يرد إلى منطقتها ، فوقع النّاس ـ ولا سيّما الضّعفاء ـ في شرّ ممّا كانوا أنكروه على ابن عبدات ، وضجّوا منه.
أمّا الأقوياء : فإنّ العمّال في أيديهم ، والتّهريب أيسر شيء عليهم ، فالظّلم ـ كما قال العلّامة ابن تيمية ـ مكرّر.
وبدلا من الاحتجاج عليه .. قام آل تريم يهيّجون الشّعب الميت للاحتجاج على الحكومة القعيطيّة فيما تأخذه من الرّسوم على البضائع الواردة إلى المنطقة الكثيريّة ، وما أظنّهم ينجحون في هذا الاحتجاج مع تفارط الأيّام ومرور نحو المئة عام ، وما تلك إلّا أعمال من رضي بهذه المكوس الباهظة ، وأراد خدعة الصّبيّ عن اللّبن بتلك الاحتجاجات الآيلة إلى الفشل لا محالة الّتي ليست من اختصاصات الرّعيّة ، وإنّما واجبهم أن يحتجّوا على ما نزل بهم ، ولكنّ الشّعب ميّت ، يشكر على الإساءة ، ويثني على الجناية ، ويتهافت في تولّي من يمكّن الأجانب من ناصيته ، ويوطّىء لهم مناكبه لسلطة موهومة ، ورئاسة مزعومة ، وإلّا .. فأيّ معنى لهذه
__________________
(١) وهي معاهدة الاستشارة السابق ذكرها .. وبنودها اثنان فقط ، وهما :
البند الأول : تقبل حكومة جلالة الملك في المملكة المتحدة أن تعين مستشارا مقيما للسلطان ، والسلطان يرتضي أن يجهز بيتا لائقا للمستشار المقيم المذكور ، ولأجل سعادة مملكته ، يقبل نصيحته في جميع الأمور عدا المسائل المتعلقة بالديانة المحمدية والعادة.
أما البند الثاني : فمتعلق بتعيين الخلفاء للسلطان. وكان توقيعها في عدن بنظر المستر رايلي والي عدن ، والمستر انجرامس.