وفي رحلة المهاجر إلى الله السّيّد أحمد بن عيسى (١) أنّه : لمّا وصل حضرموت .. دخل الهجرين ، وأقام بها مديدة ، واشترى مالا ، فلم تطب له ، فوهب المال لعتيقه شويّه.
وانتقل منها إلى قارة جشيب ، فلم يأنس بها.
فانتقل إلى الحسيّسة ـ بضمّ الحاء وفتح السّين المكرّرة بينهما ياء مشدّدة مكسورة ، قرية على نصف مرحلة من تريم ـ فاستوطنها إلى أن توفّي بها سنة (٣٤٥ ه) ، ودفن بحضن الجبل المذكور.
قال السّيّد عمر بن عبد الرّحمن صاحب الحمراء في ترجمته للعيدروس : (توفّي الشّيخ أحمد بن عيسى بالحسيّسة ، ودفن في شعبها ، ولم يعرف الآن موضع قبره ، بل إنّ الشّيخ عبد الله بن أبي بكر العيدروس كان يزوره في الشّعب المذكور ، وقال : إنّ الشّيخ عبد الرّحمن كان يزوره) اه
وهو ظاهر في أنّهما كانا يزوران الجبل بدون تعيين موضع ، أمّا الآن .. فقد عيّنوه : إمّا بالقرائن ، وإمّا بالكشف ، على ارتفاع يزيد عن مئة ذراع في الجبل ، وههنا مباحث :
المبحث الأوّل :
زعم قوم أنّ سيّدنا المهاجر ، وابنه عبيد الله ، وأولادهم الثّلاثة : بصريّ وجديد وعلويّ ، كانوا شافعيّة أشعريّة ، وقد فنّدت ذلك متوكّئا على ما يغني ويقني من الأدلّة والأمارات في «الأصل» ، وتشكّكت في وقت دخول المذهب الشّافعيّ إلى حضرموت ، وقرّرت كثرة العلماء بحضرموت لعهد المهاجر وما قبله ، ولو شئت أن أجمع ما أنجبتهم تلك العصور من رجالات العلم والحديث .. لاستدعى مجلّدا
__________________
(١) ينظر لمعرفة ترجمته : «المشرع» (١ / ٧٧) ، و «الغرر» وتواريخ حضرموت للشاطري ، والحامد ، والبكري ، وللسيد محمد ضياء شهاب كتاب خاص عن المهاجر ، اسمه : «الإمام المهاجر» مطبوع صدر عن دار الشروق بجدة.