الكلوم ، وينابيع العلوم ، كلّا ، ولكنّها الأقدام تزلّ ، والأفهام تضل ، والأهواء تتغلّب ، والأوهام تتألّب ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
ولا يلزم ـ على كثرة العلماء بها ـ أن يتمذهبوا بشيء من المذاهب المشهورة ؛ فقد اشتهروا بالعلوم في عصر التّابعين فمن بعدهم قبل ظهور المذاهب ، وإن كان البدويّ الجافي ليأتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيقيم أيّاما لا يقرأ كتابا ، فيعود وفي يده سراج الإسلام يرشد قومه ويدعوهم إلى الله ؛ ففي (ص ٤٩٢ ج ١) من «إمتاع الأسماع» للمقريزي : (أنّ عثمان بن أبي العاصي كان أصغر وفد ثقيف ، فكانوا يخلفونه في رحالهم وكان إذا ناموا بالهاجرة .. عمد إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فسأله عن الدّين واستقرأه القرآن ، وأسلم سرّا وفقه ، وقرأ من القرآن سورا) اه
والشّاهد : في فقهه مع أنّه لم يتلقّ إلّا أوقاتا يسيرة ، وكذلك أحوال كثير من الوافدين.
وقد توفّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن مئة وعشرين ألفا من الصّحابة ، وفيهم من الأجلاف من لا يعرف إلّا الفاتحة أو إلّا البسملة ، كما في «معاهد التّنصيص» في قسمة أنفال القادسيّة ، وهم يصلّون ويصومون ويحجّون ويزكّون بدون تمذهب ، وكذلك كان أهل حضرموت فيما أظنّ وفيما يقضي الاستصحاب ، حتّى غزتهم المذاهب بسبب الاختلاط الواقع أكثره بالحجاز واليمن.
وقد جاء في «المشرع» : (أنّ فتاوى السّيّد سالم بن بصريّ على أساليب أولي الاجتهاد) وفي (ص ٥ ج ٢) منه : (أنّ أهل حضرموت يشتغلون بالعلوم الفقهيّة ، وجمع الأحاديث النّبويّة) اه
ويؤيّده ما جاء في موضع آخر منه : (أنّ كثيرا من الصّلحاء والعلماء لا يعرفون عين قبره ، بل ولا جهته ؛ لأنّ المتقدّمين كانوا يجتنبون البناء والكتابة على القبور) اه
فإنّه أنصع الأدلّة على تمسّكهم بالسّنّة. وفي (ص ١٤٤ ج ٦) من «تاريخ ابن