والوسط هو المحمود ، وعنده يلتقي شأو المنصفين من كلّ فرقة ، وقبلتنا من أمّها .. لا يكفّر.
وفي غير هذا الموضع أنّه كان للعلويّين اتّصال بالسّادة الزّيديّة إلّا أنّه تلاشى بعد التّمذهب حتّى جدّده الله باتّصالي بأمير المؤمنين المتوكّل على الله يحيى بن محمّد حفظه الله.
المبحث الثّاني :
لا نزاع فيما يؤثر عن سابقي العلويّين من الشّهامة والفتوّة والكرم ، والمروءة والجاه والشّرف والسّيادة ، والحلم والصّبر والعبادة ، والنّجدة والتّواضع والورع والتّقوى ، والأخذ من مكارم الأخلاق بالغايات القصوى ، بل كلّ ثناء مقصّر عنهم في هذه النّواحي.
وجاء في مواضع من كلام الحبيب عمر بن حسن الحدّاد أنّ المشايخ استنكروا العلويّين ؛ لأنّ المقام مقامهم ، وفي كلام غيره : أنّ النّاس أقبلوا عليهم من بدء الأمر ، وتجتمع أطراف الكلام بما انتصبت عليه القرائن من استنكار أهل المذاهب للتّخالف المنضمّ إلى الحسد ، ولكنّ العامّة ـ بسلامة قلوبهم ونشأتهم على الفطرة وانقيادهم بسوق الطّبيعة ـ أقبلوا عليهم إقبالا عظيما ، وكيف لا .. وهم أوّل من عرفوا من العترة الطّاهرة ، وقد قيل (١) :
يقولون ما بال النّصارى تحبّهم |
|
وأهل النّهى من أعرب وأعاجم |
فقلت لهم : إنّي لأحسب حبّهم |
|
سرى في قلوب الخلق حتّى البهائم |
لا سيّما وقد انضمّ إلى ذلك ما يستجهر الأبصار والبصائر من الشّرف الفخم والسّؤدد الضّخم ؛ فقد كان الأمر أعظم ممّا يتصوّر ، وإن كان سيّدنا محمّد بن عليّ ـ صاحب مرباط ـ ليخفر القوافل من بيت جبير إلى ظفار ، بما له من ضخامة الجاه ، كما ذكره الشّيخ سالم بن حميد عن الشّيخ عبد الله بن عمر الكثيريّ.
__________________
(١) البيتان من الطويل ، وهما لزينب بنت إسحاق النصراني ، وهما في «نفح الطيب» (٢ / ٨٤٤).