وقال بعض الزّيديّة : إنّ العترة الطّيّبة قد تفرّقت في البلاد ، وملأت الأغوار والأنجاد ، وكلّ من كان منهم في إقليم .. فإنّما هو على مذهب جهته وإقليمه في غالب الأمر ، لم يتواصوا كلّهم بمذهب واحد في مهمّات الأصول ، فضلا عن نوادر الفروع ، فهؤلاء الأئمّة المعروفون في اليمن وعدد قليل من الجبل شاعت أقوالهم ، وسارت الرّكبان بمذاهبهم كالنّاصر.
وفي الكثير منهم ـ وهم أهل الكوفة وما والاها ـ ذكر بعض العلماء جماعة كثيرة زيديّة من دعاتهم ، وأهل اليمن لا يعرفونهم ولا يعرفون مقالتهم ، وكذلك الإدريسيّون في المغرب فيهم كثرة ، وظاهرهم على مذهب مالك ، ثمّ من هذه الذّرّيّة شافعيّة أو حنفيّة في الفروع ، أشعريّة في الأصول ، متظاهرون بذلك ؛ كالمحقّق السّيّد الشّريف الجرجانيّ وغيره.
وفي المحدثين الكثير الطّيّب علماء مجتهدون منتسبون إلى المذاهب الأربعة ، مصنّفون فيها ، إذا طالعت كتب الرّجال .. عرفت ما يصفونهم به.
وبه نعرف أنّ الّذي في الزّيديّة لا يزيدون عليهم وصفا ولا عددا ، وكلّ يدّعي أنّه المقتفي لآبائه القدماء من أهل البيت عليّ والحسنين ونحوهم رضي الله عنهم ... إلخ كلامه.
وكتب عليه القاضي إسماعيل بن مزاحم المجاهد بما حاصله : حصر الحقّ على السّادة الزّيديّة باليمن ؛ لأنّهم هم الّذين بقوا مع القرآن في قرن متبوعين لا تابعين.
وقال : ألا ترى لو أنّ أحد أهل البيت المقلّدين لمالك قال : إنّ الكلب طاهر .. لأنكر عليه الكلّ أن تكون هذه المقالة لأهل البيت. اه مختصرا بالمعنى
وأنا لا أرضى هذا الجواب ؛ لما فيه من تحجّر ، وليس الزّيديّة بفرقة واحدة ، وإنّما هم ـ كغيرهم ـ فيهم المغالون والمعتدلون ، وما أحسن ما فسّر به الشّوكانيّ الفرقة النّاجية من أنّها : من كانت على هديه صلّى الله عليه وآله وسلّم في إيثار الحقّ على ما سواه. أو ما يقرب هذا من معناه.