رواه غير واحد ـ يقول : (اعلم أنّ الرّجل لا يصير محدّثا كاملا في الحديث .. إلّا أن يكتب أربعا مع أربع ، كأربع مثل أربع ، في أربع عند أربع ، بأربع على أربع ، عن أربع لأربع. وكلّ هذه الرّباعيّات لا تتمّ إلّا بأربع مع أربع ..) إلى آخره (١) ، ممّا ينبغي أن يكشف من [ص ٢٨٤] «فتاوى حديثية» لابن حجر الهيتمي.
وأخرى ، وهي أنّ بين أيدينا «البرقة» و «عقد» سيّدي الأستاذ الأبرّ ، وقد ذكروا عمود النّسب فلم يطنبوا في الثّناء بالعلم إلّا على الفقيه المقدّم وصاحب مرباط ، ولم يصفوا والد الفقيه المقدّم إلّا بأنّه عالم صوفيّ.
واقتصروا في الإمام أحمد بن عيسى على : (ذي العقل الكبير ، والقلب المستنير ، والعلم الغزير) لأجل السّجع ، ولو كان واسع العلم .. لبسطوا القول فيه ، كما لم يذكروا ولده عبيد الله ولا محمّدا صاحب الصّومعة ، ولا عليّا العريضيّ ، ولا عليّا خالع قسم بعلم أصلا.
وأضجعوا القول في وصف علويّ بن محمّد وعيسى بن محمّد بالعلم ، مع إطنابهم في فضلهم وعبادتهم ، على أنّنا لا ننسى ما نقله والدي عن سيّدي الأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر : أنّه زار المهاجر مع العلّامة الحبيب عبد الله بن عمر ، فقال لولد له صغير ـ يدعى محمّد الطّاهر ـ : تدري من هذا ـ يعني المهاجر ـ يا ولدي؟ فقال له : هذا المهاجر ، أفضل من في الوادي علما وعملا وقربا من النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ لأنّ مثل ذلك قد لا يراد به كلّ ظاهره في تبصير الأولاد وحثّهم على الاجتهاد.
وسيأتي في تريم أنّ الطّيّب بامخرمة لم يذكر فقيها من العلويّين إلّا الفقيه المقدّم.
__________________
(١) ثم قال الراوي : فهالني قوله ، فسكتّ متفكرا ، وأطرقت نادما. فلما رأى ذلك مني .. قال ـ أي : الإمام البخاري ـ : وإن لا تطق احتمال هذه المشاق كلها .. فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه وأنت في بيتك ، قار ساكن ، لا تحتاج إلى بعد الأسفار ، ووطء الديار ، وركوب البحار ، وهو مع ذا ثمرة الحديث. وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدث في الآخرة ، ولا عزه بأقل من عز المحدث. وانظر هذا الخبر بطوله في «الغنية» للقاضي عياض (ص ٦٨) ، و «الإلماع» (ص ٢٩).