وجنّتا مأرب من بعد ذا مثل |
|
والعرش فيها وسدّ وسط واديها |
تسقى به جنّتاها ثمّ بعدهما |
|
مسافة الخمس موصولا لياليها |
ولكن يجاب بأنّ المسافة من مأرب إلى الكسر إنّما هي أربع مراحل ، وهي لا تستوفي الخمسة الأيّام ، وإذا بقي للّيالي مثلها .. بلغ سدّ سنا أو جاوزها ، فالأمر قريب من بعضه.
وأمّا الإشكال : فإنّه لا يمكن أن تصل حضرموت من الضّعف إلى حيث ذكر ما دام الماء ينبسط على الأرض كلّها فتئثّ زروعها ، وتؤتي أكلها كما كانت أيّام ملوك كندة وملوك حضرموت ، وإنّما تناهى بها الجدب والقحط من حين ظهور الأخدود ، وانقباض الماء عن أكثر الأرض ولم يكن ذلك إلّا بعد الفقيه المقدّم بزمان طويل ، حتّى إنّه ـ مع تفارط الأيّام ـ لم يصل إلى المسحرة بعد ؛ فهي لا تزال سالمة منه ، والماء ينبسط فيها من الشّمال إلى الجنوب.
وقد كان الإشكال في سدّ سنا أثقل عليّ من الطّود العظيم ، وكلّما التأم لي الكلام عنه من جانب .. انتشر من الآخر ، حتّى أخبرني الأخ الفاضل عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن محمّد بن شهاب عن مشاهدة أنّ سدّ سنا طبيعيّ من حجارة رخوة ، يمازجها طين صلب ، شبه القارة الصّغيرة ، يدفع الماء عن جانبيها المرتفعين عن مستوى الأرض بنحو من ستّة أذرع تقريبا ، ثمّ إنّ السيول جرفت تلك القارة وحفرتها فصار الماء يجري في مكانها الّذي خدّه سيل قاحش وما بعده ، وارتفع جانباها اللّذان كان عليهما يجري السّيل ـ كما سنرسم صورته الّتي دفعها لي في موضعه إن شاء الله (١) ـ فلم يكن رجع السّيول عن ذلك السّدّ الطّبيعيّ بالفاحش حتّى يكتسح البلاد ، ولكنّه صغير يصدّ تيّار الماء فقط ، فينبسط في كلّ ناحية ، ويسقي النّاس منه أراضيهم بدون أن يجرف في الأرض ؛ لأنّ انبساطه يقلّل من قوّة جريه فلا يخدّ في الأرض ، وهذا هو المعقول ؛ فقد كانت الحصاة الّتي يصلّي عليها سيّدنا عمر
__________________
(١) ستأتي الصورة في سنا.