وما كاد ولد هادي يبلغ الحنث إلّا وأغرته أمّه بأخذ ثأره ، فقتل قاتل أبيه ، وأقرّ بصنيعه العيون ، وأثلج الخواطر ، وقد أوذي وحبس من جهة الحكومة بدون حقّ ، ثمّ أطلق.
والكسابيب وإن كانوا قبيلة واحدة .. فهم ـ كأكثر فرق العوامر ـ بيوت كثيرة ؛ منهم :
ـ آل كبرى : ولهم مساكن في شرمه ، وأخرى بسمل حوالي ضريح الإمام علويّ بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى ، ولهم هناك بساتين نخل حواليها ، فيها دور يخترفون فيها.
واتّفق أن تنازع في سنة (١٣٦٠ ه) امبارك بن عمر بن كبرى وكرامة بن عيسى الدّويل على قطعة أرض بمسيال سر ، حوالي الجبل الشّماليّ ، بإزاء شرمه الواقعة بسفح الجبل الجنوبيّ ، فالتقوا ذات يوم وتبودل بينهم إطلاق الرّصاص ، فسقط أحدهم وهو امبارك بن عمر بن كبرى ميتا ، وأنكر قتله آل الدّويل ، وقالوا : إنّما أصابته طلقة من أصحابه ، ولم يطلبوا صلحا ، وتقدّم آل كبرى بإعلان للعوامر بأن لا يعطوا خفيرا لآل الدّويل ، ولكنّ الحطاطبة لم يبالوا بهذا الإعلان.
وفي رمضان من سنة (١٣٦١ ه) كان كرامة بن عيظة بن الدّويل يمشي ومعه خفير من الحطاطبة ، يقال له : سالم بن صالح بن حاضر ، فهجم عليهما آل كبرى وقتلوهما ، فغضبت الحطاطبة لقتل ابن الدّويل أكثر ممّا غضبوا لقتل صاحبهم ؛ لأنّ قتل الأوّل إلى جانب صاحبهم يلطّخهم بالعار ، فأنذروا الكسابيب بالحرب ، فتبرّؤوا من آل كبرى ، وبما أنّه لا طاقة لآل كبرى بحفظ ديارهم في شرمه وسمل ؛ لقلّتهم .. ذهبوا إلى سمل وأخلوا ديارهم الّتي في شرمه بالنّساء ؛ ثقة بأنّ الكسابيب وإن تبرّؤوا منهم لن يخفروا ذمّتهم بتمكين الحطاطبة من ديارهم الّتي بين ظهرانيهم ليس فيها إلّا نساؤهم ؛ لأنّ ذلك من أكبر العار بين القبائل ، ولكنّ الكسابيب لم يبالوا بشيء من ذلك ، فهجم الحطاطبة على ديار آل كبرى بين الكسابيب ، وطردوا النّساء ، ونهبوها ، ثمّ أحرقوها.
وبإثر ذلك توسّط بينهم أحد آل تميم ـ وهو سليمان بن عبد الله بن سليمان ـ فأبى الحطاطبة من بذل الصّلح في قتيلهم سالم بن صالح بن حاضر حتّى يغسل آل كبرى