وقيل العكس ، وهذا أبلغ ما يكون في التّلازم ، فشرف العلم حاصل على كلّ حال.
وفي «تاريخ ابن خلّكان» [٣ / ٣٨] : أنّ عبد الله بن لهيعة ـ أوّل قاض بمصر من جهة الخليفة ـ حضرميّ ؛ نسبة إلى البلد.
والثّانية : أترى الخطيب يهمل ذكر العلويّين في مثل هذا الموضع ـ وقد وقف نفسه على خدمتهم وبثّ فضائلهم والتّغنّي بمناقبهم ـ لو كان أحد منهم يوازي أولئك؟ لا والله! نعم ؛ كان السّيّد سالم بن بصريّ من أراكين العلوم لذلك العهد ، فما له لم يذكره؟ فإمّا أن يكون مع غزارة علمه أنزل عن درجة أولئك فيه ، وإمّا أنّه لا تأليف له وأولئك مؤلّفون.
والثّالثة : ذكر صاحب «المشرع» ونقل عنه شارح «العينيّة» : أنّ الشّيخ سالم بافضل صاحب الرّحلة إلى العراق ، وعليّ بن أحمد بامروان ، والقاضي أحمد بن محمّد باعيسى المتوفّى سنة (٦١٨ ه) ، والشّيخ عليّ بن محمّد الخطيب المتوفّى سنة (٦٤٢ ه) .. أخذوا عن السّيّد الإمام محمّد بن علي صاحب مرباط ، المتوفّى سنة (٥٥١ ه) ، أو سنة (٥٥٦ ه) على اختلاف الرّواية ، وفي أخذهم عنه شيء من البعد :
أمّا الشّيخ سالم .. فلغيبته لطلب العلم ، ثمّ لم يعد إلى تريم إلّا وصاحب مرباط بعيد عنها ، ومع ذلك فالاحتمال فيه من جهة السّنّ أقرب ممّن سواه (١) ، ويقرب منه ابن أبي الحبّ المتوفّى سنة (٦١١ ه) ؛ إذ لم يتأخّر موته عن صاحب مرباط إلّا خمسا وخمسين عاما ، ثمّ ابن أبي عبيد ؛ إذ لم يزد ما بين وفاتيهما على سبع وخمسين عاما.
أمّا بامروان .. فالفرق بين وفاته ووفاة صاحب مرباط تسع وستّون عاما ، وبينهما وبين وفاة باعيسى اثنتان وسبعون سنة ؛ لأنّ وفاته سنة (٦٢٨ ه) وأبعد ما يكون بينه وبين الخطيب ؛ إذ البون شاسع جدّا يقرب من ستّة وثمانين سنة مع تباعد الدّيار.
__________________
(١) لأن بين وفاتيهما نحو (٣٠) عاما.