الغزّ أمراء الأيوبيّين ؛ لأنّها لو كانت على يدهم .. لم يكن مانع من ذكرهم ، كما ذكروا قتلهم لآل أكدر وغيرهم وما لم أنبّه عليه في هذا الكلام .. فمن «الجوهر الشّفّاف».
وههنا فوائد :
الأولى : إنّ في الكلام ما يدلّ على أنّ البلاد كانت ملأى بالعلم ، ثمّ اندرس حتّى أحياه الشّيخ سالم بافضل ، ولئن لم يصرّح الخطيب بتلاشي العلم في البدء ، بل جاء بفعل المقاربة .. فإنّه صرّح به قوله في الأخرة : (فأحياه) ، وأمّا امتلاء الدّيار الحضرميّة بالعلم في الزّمان الأوّل .. فشاهده ما نقرّره في كثير من المواضع ـ بهذا و «أصله» ـ من كثرة رجال الحديث فيها إذ ذاك ؛ فمعاجم الرّجال ك «تهذيب التّهذيب» و «لسان الميزان» مشحونة بأسمائهم وتراجمهم ، وقد مرّ نحو هذا في الحسيّسة.
وقد جاء في (ص ١٢٨ ج ١) من «المشرع الرّويّ» : (أنّ السّادة في مدّة إقامتهم ببيت جبير يكثرون الدّخول إلى مدينة تريم ، ووجدوا بها من أرباب العلوم والآداب وأصحاب الفهوم والألباب ما شغلهم عن الأهل والوطن ، وأذهلهم عن كلّ خلّ صفيّ وسكن) اه
ولئن أشكل وجود أرباب العلوم لذلك العهد مع قول الخطيب : أنّ العلم كاد أن يتلاشى حتّى أحياه الشّيخ بافضل المقتول بتريم سنة (٥٨١ ه) .. فإنّ المدّة ليست بالقصيرة ، بل صالحة لوجود العلماء ، ثمّ اندراس العلم بموتهم.
وكانت وفاة السّيّد علويّ بن محمّد بالصّومعة من بيت جبير ، سنة (٥١٢ ه) ، ووفاة أبيه من قبله .. فلا مدفع للنّصّ ، ولا إشكال ؛ فقد جرى بأعيننا ما يشبهه من التّقلّبات في الأزمنة المتقاربة ، ولئن حاول بعضهم أن يغبّر على ما ندلّل به لعلم الحضارمة من كثرة رواتهم بزعمه أنّ أكثرهم منسوبون إلى القبيلة .. فجوابه : أنّ مثرى القبيلة ودولتها ببلاد حضرموت كما بيّناه ب «الأصل» وأشرنا إليه في شبام ، حتّى لقد اختلفوا ـ كما في «التّاج» ـ في سبب التّسمية ، فقيل : إنّ البلد سمّيت باسم القبيلة ،