أنست بهم في سالف الدّهر برهة |
|
فكانت لياليها كأحلام نائم |
وفارقتهم كرها ونار فراقهم |
|
تأجّج ما بين الحشا والحزائم |
ألا هل لأيّام تقضّت برجعة |
|
أو ابكي عليهم بالدّموع السّواجم |
وهل لزمان الوصل بالوصل عودة |
|
وهيهات ليس الصّدع كالمتلائم |
لئن بعدت أحبابنا فقلوبنا |
|
تراءى بودّ غير واهي العزائم |
سلام عليكم من صديق بقلبه |
|
جراح فراق ما لها من مراهم |
وشفعه بمنثور ؛ منه : (ما تريم إلّا جنّة نعيم ، في حوزة ملك كريم ، حامي الذّمار والحريم ، لو فارقها .. لأضحت كالصّريم (١) ، وقد صحّ عن الرّسول فيما روي من المنقول : سلطان عادل خير من مطر وابل ، وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم).
وقد ذكرت في «الأصل» أنّ نشوان (٢) هذا جريء اللّسان سيّء الأدب ، وقد كفّره بعض علماء اليمن بشيء من شعره ، ولو لا أنّه اعتصم بأحد الأئمّة (٣) وكان أخا له من أمّه ـ كما قال ياقوت ـ .. لأريق دمه.
وذكر ابن السّبكيّ : أنّ الكرّاميّة ادّعوا على ابن فورك القول بانقطاع نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ورسالته بموته ، وسعوا به في ذلك إلى محمود بن سبكتكين ، وأنّ ابن حزم زعم أنّه قتله بالسّمّ على ذلك ، ثمّ بالغ في تكذيب جميع ذلك ، وارجع إن أردت التّبسّط في الموضوع إلى ما ذكره في ترجمة الأشعريّ وابن فورك من «طبقاته» ، وقد اعترف بأنّ الكرّاميّة هي الّتي قتلت ابن فورك بالسّمّ ، ولم يذكر أنّ ابن سبكتكين انتقم منهم ، وذلك مع ظهور اللّوث ، وانتصاب القرائن ممّا يبعث على تصديق أنّه القاتل ؛ إذ لن يخفى ذلك عليه وقد جزم به «التّاج».
__________________
(١) الصّريم : اللّيل المظلم.
(٢) نشوان بن سعيد ، الأمير العلامة اللغوي المؤرخ ، كان فقيها ، شاعرا مجيدا ، استولى على قلاع وحصون ، وقدمه أهل جبل صبر حتى صار ملكا ، وكان مقيما بحوث ، وبها مات في (٢٤) ذي الحجة من سنة (٥٧٣ ه). من مصادر الترجمة : «معجم الأدباء» (١٩ / ٢١٧) ، «بغية الوعاة» (٢ / ٣١٢) ، «أعلام الزيدية» (١٠٦٠)
(٣) وهو أحمد بن سليمان الزيدي ، المتوكل على الله ، المتوفّى سنة (٥٦٦ ه).