وفي الحكاية (٣٢١) من «الجوهر» : (أنّ السّيّد عبود بن عليّ كان يلبس الخوذة في سنة ٧٨٧ ه).
ولكن هل هجروا لها العمامة رأسا ، أم لا يلبسونها إلّا في الرّسميّات؟ كلّ محتمل ، والأوّل هو الأقرب إلى كلام باقشير والّذي يفهم من موضع من «عقد» سيّدي الأستاذ الأبرّ ، ولكن يغبّر عليه أنّ السّيّد محمّد بن علويّ بن أحمد بن الفقيه المقدّم اشتهر بصاحب العمائم (١) ، وذكروا أنّه احترق عليه منها عدد بسبب الاستغراق في المطالعة ، إلّا أن يجاب بأنّ لبسه لها لم يكن بحضرموت ، وإنّما كان بمقدشوه ؛ إذ هاجر إليها في طلب العلم على العلّامة الشّيخ محمّد بن عبد الصّمد الجوهيّ.
وفي هجرة هذا الإمام في طلب العلم تأكيد لما سبق في الحسيّسة وأوائل هذه المسوّدة من إشراف العلم على التّلاشي ، حتّى هاجر الشّيخ سالم بافضل في تجديده ، وجاء صاحب العمائم يتقيّل آثاره ؛ إذ لا يمكن أن يحيط الشّيخ سالم بأطراف فنونه.
وقد قرأ صاحب العمائم الحديث والفقه والتّفسير والتّصوّف وعلوم العربيّة وبرع فيها ، وشارك في الأصلين والمعاني والبيان والمنطق ، وكان يقرأ «المهذّب» على الجوهيّ في سنة ، و «التّنبيه» و «الوسيط» و «الوجيز» في الأخرى قراءة بحث وتحقيق ، كما كان الشّيخ عليّ بن أحمد بامروان يفعله (٢).
فالتّدليل بهجرة صاحب العمائم إلى مقدشوه على قلّة العلم بحضرموت .. صالح لا ينتقض بما كان من أمر الشّيخ سالم ؛ لما مرّ آنفا ، ولأنّ الواحد غير كاف (٣) وإن انتشر عنه العلم ، وقد قال تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
__________________
(١) ترجمته في «المشرع» (١ / ٣٧٣).
(٢) جاء في «المشرع» (١ / ٣٧٣): (وكان ـ أي : صاحب العمائم ـ في أول طلبه سمع أن علي بن أحمد بامروان كان يقرأ كل واحد منها في سنة ـ أي : الثلاثة الكتب المذكورة ـ ، فطلب من الله أن يرزقه ذلك ، فاستجاب الله دعاءه وأعطاه ما تمناه) اه
(٣) ولتباعد الزمان ؛ فسالم بافضل توفي سنة (٥٨١ ه) ، وصاحب العمائم سنة (٧٦٧ ه) ، فبين وفاتيهما (١٨٦) سنة.