ومنهم : الشّيخ فضل بن عبد الله عرفان بارجاء (١) ، إليه انتهى الفقه اليوم بتريم ، وله مشاركة في غيره ، وهو من أخصّ تلاميذ شيخنا الأستاذ الأبرّ ، وله فيه مدائح جميلة ، وكان كثير الرّجوع إلى الحقّ عندما يتبيّن له ، فلا يتعصّب على رأيه إلّا بمؤثّر من غيره ، وجرت بيننا وبينه مناقضات ؛ منها :
مسألة جرت بين السّادة آل جنيد أصرّ فيها على رأيه ، حتّى لقد قلت له في آخر رسالة كانت مقطع الكلام وفصل النّزاع : (وظنّي بالشّيخ إدراك الصّواب فيما قرّرته ؛ لأنّه أجلّ في نظري من أن يخفى عليه ، غير أنّه يكتب فيما أحسب تحت محاباة أو ضغط ممّن يكره الحقّ ، ولا سيّما إذا جاءه على يدي ، ويأبى الله ـ ببركة المشايخ الأبرار ودعائهم والأخذ عنهم ـ إلّا أن يبيحني عرائسه ، وييسّر لي نفائسه ، ويلبسني فروته ، ويحلّني ذروته ، ويقرع لي مروته :
وفي تعب من يجحد الشّمس ضوءها |
|
ويجهد أن يأتي لها بضريب (٢) |
وإنّي لعلى ما درجت عليه من احترام الشّيخ ومحبّته ، وكيف لا؟ وقد وردنا معا على المنهل العذب ، واستقينا جميعا من العين الصّافية ، وربطتنا به جامعة الأخذ عن عدّ العلم الخسيف ، وجبل المجد المنيف ، وزينة الزّمان الآخر ، وقرّة عين المكارم والمفاخر ... إلخ).
وفي هذه الأيّام يتألّق عارض النّزاع بينه وبين آل تريم ، في قضيّة حاصلها : أنّ رجلا من آل بافضل له ابن وبنت من امرأة من آل باحرمي ، قيل إنّه أضاعهما في أيّام الأزمة حتّى مات الابن جوعا ، ثمّ أشبلت الأمّ على البنت وفدتها بروحها إلى أن أدركت ، فخطبها رجل مكفيّ من آل عرفان ، فمنع حتّى أرضاه بسبعين ربيّة فقبل ، ثمّ
__________________
شبام يفتحونها. والشيخ المترجم كان صالحا محبوبا لدى علماء تريم ، مولده ووفاته بها ، وممن استجاز منه : السيد محمد بن حسن عيديد ، والسيد سالم بن حفيظ ، وكلاهما ترجم له في «ثبته».
(١) مولده بتريم سنة (١٢٩١ ه) ، وبها وفاته ، له أبحاث وفتاوى قيمة آلت إلى أبنائه ، ثم بيعت مع مكتبته وآلت بالشراء للقاضي العلامة عبد الرحيم بن مسعود بارجاء بسيئون.
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لأبي الطّيّب المتنبّي في «العكبري» (١ / ٥٦).