أغراه أصحابه فرجع عن القبول ، وعقد لها بفقير عنادا ، فادّعت البنت أنّ بينها وبينه رضاعا محرّما.
فأفتى الشّيخ فضل بإبطال العقد ، وصادقت على جوابه ؛ لاتّفاق ابن حجر والرّمليّ وغيرهما من المتأخّرين على أنّ إقرار المرأة بالرّضاع يمنع النّكاح إذا كان قبله ، وإذا كان بعده من دون إذنها في المعقود له ، وقبل الدّخول يجعلها المصدّقة فيه بيمينها.
وهذا ممّا لا ينبغي الاختلاف بعده ؛ لأنّه النّصّ الملجم ، لكنّ الدّراهم كانت في الجانب الآخر ، وهي الّتي عليها يدور التّنفيذ ، لا النّصوص! على أنّ مقابل الأصحّ في قول «المنهاج» [٢ / ٤٢٩] : (ولو عيّنت كفؤا وأراد الأب غيره فله ذلك) هو الأحرى بالاعتماد ، ولذا اختاره السّبكيّ ، وهو الموافق للأحاديث الصّحيحة الثّابتة ، ولقواعد الشّريعة.
وفي «مجموع» الجدّ عليّ بن عمر عن أحمد مؤذّن : (ومن قواعد التّرجيح : أنّ القول المرجوح في المذهب يتأيّد بمن قال به من الأئمّة الأربعة ، وهذا من الغوامض الّتي قلّ أن توجد عند أبناء العصر بعد أن كانت عند مشايخنا من الواضحات) اه
وقرّر العلّامة الشّيخ محمّد بن عبد الله باسودان أنّ المرجوح يترجّح بالمرجّح الخارجيّ ؛ كالفسخ ؛ لتضرّر المرأة. ونقله عن «العقد الفريد» للسّمهوديّ (١).
وقد ألّف العلّامة ابن زياد رسالة في وجوب مراعاة المصلحة على الوليّ في النّكاح (٢).
وفي (الوصيّة) من «التّحفة» [٧ / ٣٧ ـ ٣٨] و «النّهاية» [٦ / ٦٦] أنّه : (يجب على الوليّ قبول الوصيّة فورا بحسب المصلحة ، فإن امتنع ممّا اقتضته المصلحة عنادا .. انعزل) اه
وأطلت القول بما يدفع كلّ شبهة ، ثمّ رأيت ما ذكره العلّامة ابن القيّم عن ذلك في «زاد المعاد» .. فإذا فيه كثير ممّا ذكرته في جوابي قبل أن أطّلع عليه ، فكان فرحي
__________________
(١) هو «العقد الفريد في أحكام التقليد».
(٢) واسمها : «إيضاح النصوص المفصحة ببطلان تزويج الولي الواقع على غير الحظ والمصلحة».