وكانت الواقعة بالذّنائب (١) ، وهي على مقربة من زبيد.
وعلّ هذه الواقعة هي التي كثرت على هلكاها الندبة ، فيما تقدّم.
ولا أدري أحجر هذه بضمّ الحاء أم بفتحها؟ ولكنّ ياقوت [٢ / ٢٢٣] يقول : (قال أبو سعد : حجر ـ بالضّمّ ـ اسم موضع باليمن ، إليه ينسب أحمد بن عليّ الهذليّ الحجريّ) ، وأطال في حجر اليمامة ، وهي غير الّتي نحن بسبيلها ، وهي عاصمة نجد ، واسمها اليوم : الرّياض ، وإليها الإشارة بقول عروة بن حزام في نونيّته المشهورة [في «الأغاني» ٢٤ / ١٢٢ من الطّويل] :
جعلت لعرّاف اليمامة حكمه |
|
وعرّاف حجر إن هما شفياني |
وقول جحدر بن مالك الحنفيّ [من الوافر] :
فيا أخويّ من جشم بن سعد |
|
أقلّا اللّوم إن لم تنفعاني |
إذا جاوزتما سعفات حجر |
|
وأودية اليمامة فانعياني |
وقول النّابغة [الذّبيانيّ في «ديوانه» ٦٧ من الطّويل] :
وهم قتلوا الطّائيّ بالحجر عنوة |
|
أخا جابر واستنكحوا أمّ جابر |
وقول زهير [من الكامل] :
لمن الدّيار بقنّة الحجر |
|
... (٢) |
وأنكر أبو عمرو أن يكون المراد من هذا قصبة اليمامة ، وقال : لأنّ (أل) لا تدخلها.
ولكن قال الجوهريّ : (الحجر ـ بالفتحة ـ : قصبة اليمامة ، يذكّر ويؤنّث).
__________________
فإن يك بالذّنائب طال ليلي |
|
فقد أبكي من اللّيل القصير |
فلو نبش المقابر عن كليب |
|
فيعلم بالذّنائب أيّ زير |
بيوم الشّعثمين أقرّ عينا |
|
وكيف لقاء من تحت القبور |
وإنّي قد تركت بواردات |
|
بجيرا في دم مثل العبير |
«البلدان اليمانية عند ياقوت» (ص ٢٤). والزّير : الذي يعجبه كلام النّساء ، أو : جليسهنّ.
(١) الذنائب : بلدة في أسفل جبل ملحان ، بالقرب من المهجّم.
(٢) القنّة : أعلى الجبل. والبيت ـ كما سيأتي بعد قليل ـ في «خزانة الأدب» (٩ / ٤٣٩).