وكان العلّامة الجليل السّيّد محمّد بن عليّ مولى عيديد (١) ـ المترجم له في «المشرع» [١ / ٣٩٩ ـ ٤٠١] و «الغرر» و «شرح العينيّة» [٢٠٥ ـ ٢٠٧] وغيرها ، بل جاء في «الفتح المبين» للعلّامة الجليل عبد الرّحمن بن مصطفى نزيل مصر : أنّ مناقبه مخصوصة بالتّأليف ، أحبّ الانجماع عن النّاس آخر حياته ، فابتنى بعيديد مسجدا ودارا صغيرين ، واعتزل الخلق ، وأقبل على العبادة ، ولا ينزل إلّا للجمعة المفروضة أو العيادة المندوبة ، ثمّ بنى عنده أصحابه حتّى صار قرية معمورة.
وكان السّيّد محمّد هذا شديد الخوف من الله ، حتّى لقد ذكر صاحب «مفتاح السّعادة والخير» عن شيخه عبد الرّحمن بن عليّ ، عن والده عليّ بن أبي بكر : (أنّ السّيّد عبد الله بن محمّد بن حكم باقشير إذا قام للصّلاة .. انتفض وجرى دمعه على خدّيه ولحيته طيلة صلاته ، حتّى لقد حصل لدموعه أثر ظاهر على خدّيه ، قال الشّيخ عليّ : وكذلك رأيت الفقيه محمّد بن عليّ صاحب عيديد) اه
ومثل هذا الأثر على الخدّ من الدّمع مشهور عن ابن الخطّاب رضي الله عنه ، ومثل ذلك الخوف مذكور عن زين العابدين عليّ بن الحسين.
وكان والد السّيّد محمّد مولى عيديد (٢) من مراجيح العلماء الأتقياء ، وهو معروف بصاحب الحوطة ـ محلّ بقرب تريم ، لعلّه الّذي بينها وبين الحاوي ؛ فإنّه لا يزال يطلق عليه لفظ الحوطة إلى الآن ـ انجمع فيها عن الخلق ، وكان ولده محمّد سكن قبل عيديد قريبا من حوطة والده.
أخذ أبو محمّد عن الشّيخ السّقّاف ، وتوفّي سنة (٨٣٨ ه) ، وكانت وفاة ولده محمّد سنة (٨٦٢ ه) ، ولهم ذرّيّة صالحة بعيديد وغيرها ؛ منهم :
__________________
(١) وإليه ينسب السادة آل عيديد ، وتمام نسبه : محمد بن علي ـ صاحب الحوطة ـ ابن محمد بن عبد الله بن أحمد (ت ٧٢٥ ه) ابن عبد الرحمن بن علوي عن الفقيه. وسيأتي أن وفاته سنة (٨٦٢ ه). وقبر في قبر جده أحمد بن عبد الرحمن في الرصّة.
(٢) ترجمته في «المشرع» (٢ / ٥١٥ ـ ٥١٦) ، و «الغرر» ، و «الجوهر» ، و «إتحاف المستفيد» (٣٤٠ ـ ٣٤٥).