تريم صغيرا ، مع أنّ مقابل الأظهر عدم صحّة الجمعة خلفه ؛ لأنّها لا تنعقد به ؛ إذ كان من قرية مستقلّة لنفسها.
ويذكر أنّ سيّد الوادي الحسن بن صالح البحر حضر خطبته وصلّى خلفه. ولمّا مات .. طمع فيها ولده عبد الرّحمن ، وأراد أن يبقى عليها من بعده ، فلم يرضه الخطباء (١) ، وانتزعوها منه عنوة ، وسلّموها لمن لا تصلح إلّا له ، وهو : العلّامة التّقيّ ، العابد النّزيه ، الشّيخ محمّد بن أحمد الخطيب (٢) ، كان غزير العلم ، طويل الحلم ، كريم الشّمائل ، كثير الفضائل ، فلم يزل عليها إلى أن مات.
وكانت الخطابة ألقت رحلها في هذا البيت ثمّ لم تتحوّل (٣) ، حتّى إنّه لمّا مرض الشّيخ عليّ بن محمّد الخطيب (٤) ، وكان أولاده صغارا .. طلبها بعض أهل العلم لنفسه ، ولكن قام ابن أخته الفقيه المحقّق أحمد بن عبد الرّحمن بن علويّ عمّ الفقيه (٥) ،
__________________
(١) أي : أسرة آل الخطيب ، المتولون لهذه الوظيفة منذ زمن قديم.
(٢) هو العلامة المفتي الفقيه محمد بن أحمد بن سالم بن عبد الله بن أبي بكر الخطيب التريمي ، ولد بها سنة (١٢٨٤ ه) ، وتوفي سنة (١٣٥٠ ه) ، كان فقيها نحريرا حاذقا ، درّس برباط تريم وزاوية الأوابين وزاوية سرجيس وزاوية بروم ، ومن شيوخه : المفتي المشهور ، والسيد علوي المشهور ، والشيخ أحمد الخطيب. ترجمته في : «تذكرة الباحث المحتاط» للمؤرخ عبد الله بن حسن بلفقيه ، و «الرسالة الجامعة في ذكر من تولى الخطابة بتريم» للشيخ أبي بكر الخطيب (٦١ ـ ٦٩) (خ).
والمترجم هو الخطيب الثاني والثلاثون ممن رقوا منبر جامع تريم منذ نحو (١٠٠٠) سنة.
ومن الآخذين عنه : ابن أخيه الشيخ العلامة الفقيه عمر بن عبد الله بن أحمد بن سالم ، المولود بتريم سنة (١٣٢٦ ه) ، والمتوفى بسنغافورة سنة (١٤١٨) ، كان علامة نحريرا ، طوّحت به الأسفار إلى سنغافورة ، وأقام بها مفتيا ومرشدا وقاضيا وخطيبا حتى توفي عليه رحمة الله.
(٣) جاء في «برد النعيم» أن أول من تولى الخطابة منهم هو جدهم الجامع الشيخ الإمام محمد بن سليمان بن أحمد بن عباد بن بشر في القرن الثالث الهجري ، ثم قام بعده ابنه علي ، فابنه إبراهيم بن علي ، فيحيى بن إبراهيم ، فإبراهيم بن يحيى ، فعلي بن إبراهيم ، فمحمد بن علي المتوفى سنة (٦٠٩ ه) ، وهو والد الشيخ علي صاحب الوعل الآتي ذكره.
(٤) وهو الملقب بصاحب الوعل لكرامة جرت له ، توفي سنة (٦٤١ ه) كما في «تاريخ شنبل» ، له مناقب وحكايات في «الجوهر» ، و «البرد».
(٥) توفي السيد الفقيه أحمد بن عبد الرحمن سنة (٧٢٠ ه) ، ترجمته في «المشرع» (٢ / ١٣٧ ـ ١٣٨).