والحال أنّها باعتبار أصلها امتدّت إلى أطول من ذلك بكثير.
ومدافنهم بالرّضيمة من تريم ، وكانوا ـ كما في «الأصل» ـ يدفنون هلكاهم بها في صناديق ، وفي كلام القطب الحدّاد أنّ بالرّضيمة صناديق من ذهب ، فلعلّ الصّناديق الّتي كانوا يدفنون موتاهم فيها كانت من الذّهب كما الملوك تفعل ، ومن مأثور الكلام : أنّ أمّ الإسكندر أمسكت على صندوق الذّهب الّذي وضعوا ابنها فيه ليدفن بعد أن قال كلّ من الحكماء كلمته المأثورة ، فقالت : لقد جمعت هذا في حياتك .. فجمعك بعد مماتك.
ثمّ انتهى الأمر إلى آل أحمد والصّبرات ، وجرى بينهم بعضهم بعضا وبينهم وبين غيرهم أمور طويلة عريضة ، فصّلنا منها في «الأصل» ما شاء الله أن نفصّل ، ثمّ صار الأمر لآل كثير ، ثمّ للإمام ، ثمّ ليافع.
وسبب اتّصال يافع بحضرموت : أنّهم زاروا حضرموت في أيّام الشّيخ أبي بكر بن سالم ، وأحبّوه ، واعتقدوا فيه الصّلاح ، ثمّ زاروها في أيّام ابنه الحسين ، كما سيأتي عند ذكره في عينات ، ثمّ خرجوا مع أحد سلاطينهم ـ وهو : السّلطان عمر بن صالح بن الشّيخ عليّ هرهرة ، اليافعيّ وطنا ، الهمدانيّ نسبا ـ نجدة للأمير بدر بن محمّد المردوف (١) ، بإشارة من الحبيب عليّ بن أحمد أو من أخيه شيخ بن أحمد على اختلاف الرّواية ، أو منهما كما هو الأقرب .. وكانت طريقهم بأرض العوالق ، فأكرمهم سلطانها ، ثمّ قدموا على العموديّ بدوعن فأضافهم ، ثمّ التقوا مع سلطان آل كثير عمر بن جعفر في بحران سنة (١١١٧ ه) وهناك انهزم آل كثير واستولت يافع على جميع بلدان حضرموت الوسطى والسّفلى ؛ مثل : هينن ، وشبام ، وسيئون ، وتريم.
وبعد أن ضبطها عمر بن صالح .. ركب إلى الشّحر واستولى عليها ، ثمّ بلغه أنّ أهل هينن نكثوا وأخرجوا يافعا منها ، فعاد لهم وأخضعهم ، ورجع إلى يافع وقد
__________________
(١) المتوفى سنة (١١٢٠ ه) ، وهو بدر بن محمد المردوف بن عمر بن بدر بوطويرق ، تولى الحكم بعد وفاة والده سنة (١٠٧٣ ه). ينظر : «تاريخ الدولة الكثيرية» (٨٩ ـ ٩٤).