وكيف كان (١) فالمهمّ بيان معنى القاعدة أصلا وعكسا ، ثم بيان المدرك فيها ، فنقول ومن الله الاستعانة :
______________________________________________________
والقول الآخر للعلّامة وجماعة من المتأخرين ، وهو وجوب أجرة المثل ، قال قدسسره : «لأنه عقد استحق المسمّى في صحيحه ، فإذا وجد المفقود عليه في الفاسد وجب عوض المثل. ولا نسلّم أنّ وجه وجوب اجرة المثل في العقدين ونظائرهما رجوع عمل العامل إلى من يجب عليه العوض ، لأنّ العمل في القراض قد لا ينتفع به المالك ، ومع ذلك يكون مضمونا».
ثمّ ناقش الشهيد الثاني في استدلال العلّامة مفصّلا إلى أن قال : «وقاعدة : أنّ كل ما كان صحيحه موجبا للمسمّى ففاسده موجب لأجرة المثل لا دليل عليها كلّيّة ، بل النزاع واقع في بعض مواردها ، فكلّ ما لا إجماع ولا دليل صالح يدلّ على ثبوت شيء فالأصل يخالف مدّعي القاعدة» (١).
والشاهد في قوله : «لا دليل عليها كلّية» وهذا مقصود المصنّف من نسبة التأمّل في قاعدة «ما يضمن» إلى الشهيد الثاني.
ولا يخفى اختلاف كلماته ، فيظهر من مواضع من المسالك وبيع الرّوضة تسليم القاعدة وكلّيّتها ، كقوله في عدم ضمان المحرم المستعير للصيد : «أما مع صحته فالأصل في العارية أن تكون عندنا غير مضمونة .. وأمّا مع فسادها فلأنّ حكم العقد الفاسد حكم الصحيح في الضمان وعدمه ، كما أسلفناه في مواضع قاعدة كلّيّة» (٢).
(١) أي : سواء وجدت هذه العبارة في كلام من تقدّم على العلّامة أم لا؟ وسواء تمّ تأمّل الشهيد الثاني في عمومها أم لا؟ فالمهمّ .. إلخ. وهذا شروع في تحقيق أصل القاعدة الذي عدّ دليلا على ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ، والكلام يقع في مقامين ، أحدهما في ما يتعلق بالأصل ، والثاني في ما يتعلق بالعكس.
__________________
(١) مسالك الأفهام ، ج ٦ ، ص ١٠٩ و ١١٠.
(٢) مسالك الافهام ، ج ٥ ، ص ١٣٩.