.................................................................................................
__________________
إلّا أنّه قيل بأن الإجماع المنعقد على شرطية عدم تخلل الفسخ بين جزئي السبب اقتضى جواز إبطال أحد المتعاقدين إنشاءه قبل إنشاء الآخر ، بل وبعده قبل وجود شرط الصحة ، كالقبض في الهبة والوقف والصدقة وبيع الصرف والسلم. فلو بني على جواز إبطال الإنشاء قبل حصول شرط الصحة جاز للأصيل إبطال إنشائه قبل الإجازة ، حيث إنّها شرط صحة العقد بناء على النقل ، لاقتضاء الإجماع المزبور ذلك. بخلاف الكشف الحقيقي ، حيث إنّ الإجازة بناء عليه ليست شرطا لصحة العقد ، فلا يشمله الإجماع ، بل يرجع فيه إلى الإطلاقات المقتضية لعدم البطلان.
فالنتيجة : أنّ مقتضى الإجماع جواز إبطال الأصيل إنشاءه قبل الإجازة بناء على النقل دون الكشف.
أقول : لا يخفى عدم تمامية هذه الثمرة في الكشف الانقلابي والحكمي ، والكشف على نحو الشرط المتأخر ، لكون الإجازة في هذه الأقسام من شرائط صحة العقد ، فلو أبطل الأصيل إنشاءه قبل الإجازة جاز ذلك ، للإجماع المتقدم.
وعليه فلا يختصّ جواز إبطال الأصيل إنشاءه بالنقل ، بل يجوز إبطاله أيضا بناء على الكشف ، فهذه الثمرة ساقطة ، هذا.
ثم إنّ الفقيه المامقاني قدسسره نقل عن بعض الأفاضل «أنّ المصنف قدسسره كان يعلّل جواز إبطال الإنشاء في مجلس البحث بأنّ العقد عبارة عن المعاهدة المعبّر عنها بالفارسية بقولهم : پيمان ، ومن المعلوم أنّ الموجب إذا رجع عن مضمون الإيجاب قبل القبول أو قبل وجود ما هو من شرائط صحة العقد كالقبض ونحوه انتفى معنى المعاهدة التي ليس قوام العقد إلّا بها ، فينتفي العقد ، وهو معنى بطلانه» (١).
قلت : ما حكي عن المصنف متين جدّا بالنسبة إلى رجوع الموجب عن مضمون الإيجاب قبل القبول ، لعدم صدق العقد عرفا عليه حتى تشمله أدلة الصحة واللزوم ، ويحكم بعدم جواز رجوع الموجب عن إنشائه قبل القبول. فخروج هذا عن أدلة الصحة واللزوم موضوعيّ لا حكمي تخصيصي ، إذ لا ينبغي الإشكال في عدم صدق العقد العرفي عليه.
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ٣٨٠.