.................................................................................................
__________________
فالفرق بين الإجماع وهذا الوجه : أنّ الإجماع إخراج حكميّ ، وهذا الوجه إخراج موضوعيّ.
وأمّا بالنسبة إلى فقدان شرط الصحة ، فجواز إبطال الإنشاء غير ظاهر بعد صدق العقد عرفا ، لشمول أدلة الصحة له. وخروجه عن تلك الأدلة بالإجماع المذكور غير ثابت ، إذ المتيقن من معقده هو صورة عدم صدق العقد عرفا.
إلّا أن يدّعى عدم صدقة أيضا مع فقدان شرط الصحة ، أو الشك في صدق العقد الموجب للشك في اندراجه في تلك الأدلة.
لكن الظاهر صدق العقد عرفا على فاقد شرط الصحة كالقبض في بيع الصرف والسلم وغيرهما ممّا يعتبر القبض في صحته ، إذ لا ينبغي الارتياب في صدق العقد عرفا عليها مع فقد شرط الصحة كالقبض فيها ، حيث إنّ أسامي المعاملات موضوعة للأعمّ من الصحيحة.
نعم لا إشكال في عدم صدق العقد عرفا مع فسخ الموجب إنشاءه قبل إنشاء القبول ، لكون إنشائه أحد ركني العقد عرفا.
ولا يخفى أنّ الفقيه المامقاني قدسسره بعد نقل العبارة المتقدّمة عن الشيخ قدسسره قال : «ولا يخفى عليك أنّ هذا وجه اعتباري غير مستلزم للمدّعى ، إذ لا مانع من تجويز الشارع تعقيب الإيجاب المعدول عنه بالقبول ، وجعله مثل ذلك الإيجاب والقبول من قبيل الأسباب الشرعية. فالعمدة هو الوجه الأوّل ، وهو تسالمهم على ذلك» (١).
وفيه : أنّ مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) خطاب لأهل العرف ، وموضوع حكمه العقد العرفي ، ومن المعلوم عدم صدقه عرفا على الإيجاب المعدول عنه المتعقب بالقبول. واحتمال جعله من الأسباب التعبدية متوقف على العدول عن العقد العرفي. ولو بني على الاعتداد بهذا الاحتمال لانسدّ باب التمسك بتلك الإطلاقات ، لعدم إحراز موضوعها مع هذا الاحتمال ، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة. ومن المعلوم تمسك الأصحاب قديما وحديثا بمثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) في موارد الشك في دخل شيء في صحة العقد العرفي ، وهذا التمسّك مبني على إرادة العقد العرفي من الأدلة.
__________________
(١) غاية الآمال ، ص ٣٨٠.