أن الخلاف في كون الإجازة كاشفة أو ناقلة ليس في مفهومها اللغوي ومعنى الإجازة وضعا (١) أو انصرافا (٢) ، بل في حكمها الشرعي (٣) (*) بحسب ملاحظة
______________________________________________________
فإن كان النزاع في مفهوم الإجازة لغة كان العقد فاسدا بقصد الخلاف ، لأنّ القائل بالكشف يزعم أنّ معناها الحقيقي إنفاذ العقد ، ومقتضاه نفوذه من حين وقوعه ، ولا بدّ أن يقصد هذا المعنى حتى تؤثّر في العقد ، فلو أراد المجيز حصول الأثر من زمان إجازته لم يكن قاصدا لمعنى الإجازة حقيقة ، لأنّ قصد النقل أجنبي عن معناها الحقيقي ، فلم يكن العقد مجازا بحقيقة الإجازة.
وكذا يجري هذا التعليل لو قصد القائل بالنقل حصول مضمون العقد من حينه.
وإن كان النزاع في ما ينصرف إليه إطلاق اللفظ بمعنى أنّ طبيعي معنى الإجازة لا يقتضي شيئا من خصوصيتي الكشف والنقل ، وكان انسباق أحدهما للإرسال والانصراف ، لزم صحة العقد على النحو الذي قصده ، لأنّ الانصراف إلى الشيء لا ينافي تقييده بما ينافي مقتضي الانصراف.
وإن كان النزاع في الاستظهار من الأدلة ، فقد جزم الفقيهان كاشف الغطاء وصاحب الجواهر قدسسرهما ببطلان هذه الإجازة ولغويتها ، واقتصر المصنف على إبداء احتمالي الصحة والبطلان من دون ترجيح بينهما.
(١) هذا و «انصرافا» تمييزان ، أي : من جهة الوضع أو الانصراف ، وقوله : «وضعا» إشارة إلى الاحتمال الأوّل ، أي : كون منشأ النزاع الشبهة المفهومية ، والجهل بالموضوع له لغة.
(٢) هذا إشارة إلى الاحتمال الثاني ، وهو كون الموضوع له طبيعي الإمضاء والإنفاذ ، وإنّما ينصرف إلى أحد المعنيين.
(٣) هذا إشارة إلى الاحتمال الثالث ، يعني : أنّ منشأ الخلاف في الكشف والنقل هو جعل الشارع.
__________________
(*) بل منشأ الخلاف في الكشف والنقل هو الخلاف في مضمون العقد ، وأنّه طبيعة النقل ، أم النقل المقيد بزمان وقوعه؟ والإجازة إجازة لمفهوم العقد بلا إشكال. فاختلاف مفهوم العقد يسري قهرا إلى الإجازة ، فينبغي إجراء النزاع في مفهوم العقد ، لا في الحكم