.................................................................................................
__________________
الرواية» (١).
وناقش فيه الشهيد الثاني قدسسره بما حاصله : أنّ الحمل المزبور خلاف ظاهر الرواية ، ومخالف للقواعد العامة المقتضية لصحة العقد مع قصد العاقد ، من دون حاجة إلى الإجازة بعده. ولمّا كانت السكرى حسب الفرض قاصدة للمدلول كان توقف نفوذ عقدها على الإجازة تخصيصا للقواعد بلا موجب. فهذا الحمل يستلزم ارتكاب محذورين :
أحدهما خلاف ظاهر الرواية.
والآخر تخصيص القواعد. وإذا دار الأمر بين ارتكابهما وبين طرح الرواية كان الثاني أولى (٢).
ويمكن الذب عن كلام العلّامة قدسسره بعدم كونه خلاف الظاهر ، إذ ليس في الرواية إطلاق يشمل جميع مراتب السّكر حتى يكون إرادة خصوص السكر غير الرافع للمشاعر حملا للرواية على خلاف ظاهرها ، بداهة أنّ منشأ الإطلاق هو ترك الاستفصال من السائل عن حدّ السّكر ، ولكن قوله : «فزوّجت نفسها» ظاهر في خصوص السّكر غير السالب للالتفات.
نعم الحكم بتوقف عقدها على الإجازة مخالف للقواعد مع فرض كونها قاصدة للمدلول ، لكنه أخفّ مئونة من حمل السّكر على الإطلاق ، لاستلزامه صحة عقد السّكرى في حال عدم الالتفات وعدم تمشّي قصد الإنشاء ، وكون صحته تعبدا محضا ولو لم يصدق عليه العقد عرفا ، وهي مخالفة مستبشعة للقواعد جدّا.
الثاني : ما أفاده الفاضل الأصفهاني قدسسره من حملها على مقام الإثبات ، والحكم الظاهري في مقام التداعي والتنازع ، لا الحكم الواقعي ، فلو تنازعا في وقوع العقد حال الالتفات والقصد فادّعى عليها الزوج ذلك ، وأنكرت المرأة وقالت : «إنّي لم أزوج نفسي في حال العقل» كان الحكم الظاهري القيام معه. قال قدسسره : «ويمكن العمل بالخبر ـ مع القول بقضية الأصل التي هي فساد العقد ـ بأن يكون الزوج جاهلا بسكرها ، فإنّه حينئذ وإن لم يقع نكاح في الواقع ، لكنه لا يسمع في حقه قول المرأة خصوصا بعد التمكين من
__________________
(١) مختلف الشيعة ، ج ٧ ، ص ١١٥.
(٢) مسالك الأفهام ، ج ٧ ، ص ٩٩.