بالوفاء بالعقد ، لما عرفت (١) من أنّ وجوب الوفاء إنّما هو في حقّ العاقدين ، أو من قام مقامهما. وقد (*) تقرّر (٢) أنّ من شروط الصيغة أن لا يحصل (٣) بين طرفي
______________________________________________________
(١) يعني : في المناقشة الثانية في ثاني وجوه الكشف ، حيث قال : «لأنّ وجوب الوفاء بالعقد تكليف يتوجه إلى العاقدين ..» فراجع (ص ٥٠). ومراده بالعاقدين هنا هو المالكان بقرينة قوله : «أو من قام مقامهما» كالولي والوكيل.
(٢) غرضه ـ بعد إثبات صيرورة المجيز بسبب الإجازة أحد المتعاقدين ـ أن يثبت بعض أحكام العقد وشروطه لعقد الفضولي ، وهو : أنّ من شروط العقد أن لا يتخلّل بين الإيجاب والقبول ما يسقطه عن صدق العقد كالفصل بالسكوت أو بالكلام الأجنبي ، فإن تخلّل ذلك سقط عنوان عقديته ، فلا يشمله مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). ولا ريب في أنّ الرّد قبل الإجازة مانع عن ارتباط أحد الالتزامين بالآخر.
(٣) الجملة في محلّ نصب على أنّها اسم «أنّ».
__________________
أقول : إنّ الإجازة لا تجعل عقد الفضولي عقد المجيز ، ضرورة أنّ إنشاء العقد فعل مباشري للفضولي ، وليس فعلا مباشريا للمجيز كما هو بديهيّ ، ولا تسبيبيا له ، لعدم انطباق ضابط التسبيبي عليه ، إذ ليس عقد الفضولي أثرا قهريا للمجيز ، بل هو فعل إرادي اختياري للفضولي. وليست الإجازة إلّا إنفاذ العقد الفضولي. وصيرورة عقده مضافا إلى المجيز ومسندا إليه ممّا لا يدلّ عليه الإجازة لا مفهوما ولا حكما ، فتدبّر.
نعم ولاية أمر العقد من حيث الإجازة والرّد للمجيز ، فلو شك في بقاء هذه الولاية له بعد الرّد أمكن الحكم ببقائها بالاستصحاب. فتأمّل.
والحاصل : أنّه لا دليل على اعتبار إضافة عقد الفضولي إلى المجيز حتى يقال : إنّ الرّد يسقطه عن قابلية إضافته إلى المجيز بالإجازة المسبوقة بالرد. وأمّا الإضافة بمعنى ارتباط مّا للعقد بمالك الأصيل فهي حاصلة بتعلق إنشاء الفضولي بمال المالك. وهذه الإضافة القهرية كافية في ارتباط العقد بالمالك.
(*) الظاهر أجنبية قوله : «وقد تقرر أنّ من شروط الصيغة .. إلخ» عن المقام ، وذلك لأنّ اعتبار عدم تخلل ما يسقط العقد عن صدق العقد إنّما هو لأجل دخله في صدقه عرفا ، إذ مع وجوده لا يصدق العقد ، مثلا إذا رفع الموجب يده عن إيجابه لم يجد إنشاء القبول بعده.
وهذا بخلاف المقام ، لأنّ العقد قد تحقق ، والإجازة دخيلة في صحته وترتب الآثار الشرعيّة