.................................................................................................
__________________
اللهم إلّا أن يقال : إنّ وزان الإجازة في عقد الفضولي وزان شرائط العلل التكوينية ، والرّد رافع للشرط وهو الإجازة ، وليس رافعا لاقتضاء المقتضي ، بل المقتضي باق على اقتضائه ، فإذا وجد الشرط بعد انعدامه أثّر المقتضي أثره. مثلا تكون النار مقتضية للإحراق بشرط يبوسة الجسم ، فمع رطوبته لا يحترق ، وإذا ارتفعت الرطوبة احترق الجسم بلا ريب ، لتمامية المقتضي بارتفاع المانع وهي الرطوبة وحصول الشرط وهو اليبوسة. والظاهر أنّ الرّد فيما نحن فيه كالرطوبة مانع عن تأثير المقتضي وهو العقد ، فإذا ارتفع الرد وتبدّل بالإجازة أثّر العقد أثره.
وقياس الرد بفسخ ذي الخيار الموجب لزوال العقد رأسا ـ بحيث لا يبقى موضوع لإمضائه ـ في غير محله ، لأنّ الخيار هو ملك إزالة العقد وإقراره ، فإذا فسخ ذو الخيار كان فسخه رافعا لأصل المقتضي ، ومع ارتفاعه لا عقد حتى يصحّ إقراره بالإمضاء. بخلاف الإجازة والردّ ، فإنّهما في رتبة الشرط والمانع مع بقاء المقتضي في حال وجودهما.
أمّا كون الإجازة والردّ في رتبة الشرط والمانع فهو ظاهر مثل قوله تعالى (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) حيث إنّ ظاهره كون التراضي شرطا للتجارة التي هي مقتضية لتبادل الأموال ، والردّ الحاكي عن الكراهة في رتبة الإجازة الكاشفة عن التراضي.
فالنتيجة : نفوذ الإجازة في عقد الفضولي بعد الردّ.
إلّا أن يقال : إنّه فرق بين المقام والعلل التكوينية ، وحاصل الفرق : أنّه في العلل التكوينية ـ كالنار في المثال المذكور ـ وإن كان حدوث الشرط فيها كاليبوسة بعد ارتفاع المانع وهو الرطوبة موجبا لتأثير المقتضي أعني به النار في احتراق الجسم ، لكنه في العلل التشريعية لا بدّ من متابعة الدليل في كيفية شرطية الشرط ومانعية المانع ، كجعل مانعية «ما لا يؤكل» في خصوص حال العلم بكون الحيوان ممّا لا يؤكل ، فإنّ الشرطية والمانعية من الأمور الاعتبارية الشرعية التابعة لكيفية اعتبارها شرعا سعة وضيقا.
وعليه فلا محيص عن الالتزام بأنّ الردّ بمقتضى إطلاق قاعدة السلطنة مانع عن تأثير الإجازة ، لاقتضاء إطلاقها الأحوالي تأثير الردّ مطلقا سواء لحقته الإجازة أم لا. كما أنّ اقتضاءها بالنسبة إلى الإجازة أيضا كذلك ، فإذا أجاز الأصيل عقد الفضولي فليس له بعد الإجازة ردّه.
فصار المتحصل : أنّ الرّدّ مانع مطلقا ، وليست مانعيّته كمانعية الموانع التكوينية