.................................................................................................
__________________
ويظهر من هذا البيان حال الأخبار الخاصّة ، فإنّ مقتضى إطلاقها أيضا بطلان البيع قبل الشراء ولو مع الإجازة. هذا بالنسبة إلى فرض المسألة.
وأمّا بالنسبة إلى مطلق الفضولي فعدم التزامنا ببطلانه إنّما هو لدعوى عدم شمول النهي له ، حيث إنّ ظاهر النهي عن بيع ما ليس عنده أو ليس ملكا له هو النهي عن بيعه لنفسه لا لمالكه ، فيكون مشمولا لعمومات الصحة كما يظهر من المصنف قدسسره أيضا. هذا ما أفيد (١).
ويمكن أن يقال : إنّ شرطية مالكية البائع للمبيع تكون في حال إضافة البيع بمعناه الاسم المصدري إليه ولو حصلت هذه الإضافة بعد إيجاب البيع ، ومن المعلوم أنّ عقد الفضول لا يضاف إلى العاقد الفضولي إلّا بعد الإجازة ، فلا يصير بائعا إلّا بعدها ، والمفروض أنّه في حال اتصافه بالبائعية يكون مالكا ، فتشمله عمومات صحة العقود.
وبعبارة أخرى : معنى «لا تبع ما ليس ملكا لك» هو اعتبار ملكية المبيع للبائع حين اتصافه بالبائعية ، ولا يحصل هذا الوصف له إلّا بالإجازة ، والمفروض كونه مالكا حينئذ ، فيتصف العاقد الفضولي بالبائعية بعد أن صار مالكا ، كما إذا باع زيد فضولا مال أبيه من عمرو يوم الجمعة ، ثم اشتراه من أبيه يوم السبت ، ثم أجاز في يوم الأحد بيعه الفضولي الواقع يوم الجمعة. فهذا العاقد الفضولي صار بائعا يوم الأحد ، بعد أن ملك المبيع يوم السبت ، فلا يصدق على هذا الفضول «أنّه باع مال الغير» حتى يندرج في عموم : لا تبع ما ليس عندك.
والحاصل : أنّه تفترق شرطية مالكية البائع للمبيع عن سائر الشرائط في أنّ سائر الشرائط شروط للصيغة ، ففقدانها حين العقد قادح في صحته ، ولا يجدي في صحته حدوثها بعد تحقق الصيغة.
فالنتيجة : أنّ بيع الفضولي الذي ملك المبيع فضولا ثم أجاز صحيح.
وتوهّم «كون العاقد الفضول بائعا حين العقد ، حيث إنّه باع لنفسه لا للمالك ، والمفروض أنّه في ذلك الزمان لم يكن مالكا ، فيشمله عموم : لا تبع ما ليس عندك ، إذ الاتصاف بالبائعية إنّما يكون حين العقد لا حين الإجازة ، فالبيع فاسد لا محالة» فاسد ، لمّا مرّ مرارا من أنّ حقيقة البيع هي مبادلة المالين ، وليس قصد كون البيع لزيد أو لعمرو مقوّما
__________________
(١) حاشية السيد الطباطبائي على المكاسب ، ج ١ ، ص ١٦٦.