.................................................................................................
______________________________________________________
أو إشارة إلى : أنّ عموم «أَوْفُوا» لا يجري إلّا بعد الإجازة الموجبة لإضافة العقد إليه ، إذ جريانه يتوقّف على أمرين :
أحدهما : كون الوفاء بالعقد ونقضه معقولا بالنسبة إلى شخص ، إذ لا معنى لوجوب الوفاء بالعقد على شخص لا يقدر على الوفاء والنقض.
ثانيهما : كون العقد عقدا له.
والأمر الأوّل يحصل بالتملك ، للتمكن من الوفاء به حينئذ.
لكن الأمر الثاني ـ وهو إضافة العقد إليه ـ لا يحصل إلّا بالإجازة ، إذ ليس المراد بالإضافة مجرّد قيام إنشاء العقد به ، وإلّا كان عقد الوكيل عقدا له لا للموكّل. فبناء على هذا لا يكفي مجرّد تملك البائع الفضولي في إضافة العقد إليه ، بل لا بدّ في تحقق هذه الإضافة من الإجازة.
فالنتيجة : أنّ عموم «أَوْفُوا» لا يشمل عقد الفضول لنفسه ثم تملكه لما باعه فضولا إلّا بالإجازة. ومن المعلوم أنّه بعد الإجازة لا معارضة بين عموم «أَوْفُوا» وقاعدة السلطنة ، وقاعدة إناطة حلّ الأموال بطيب نفوس أربابها ، وغيرهما ، لعدم التنافي بين عموم «أَوْفُوا» وبين قاعدة السلطنة ونحوها ، بل بينهما كمال الملاءمة.
كما أنّه يسقط البحث عن كون المقام من استصحاب حكم الخاصّ لا التمسك بالعام ، لما عرفت من أنّ العاقد الفضولي قبل الإجازة ليس عاقدا ، فهو أجنبي عن موضوع «أَوْفُوا» وخارج عنه تخصّصا لا تخصيصا ، فلا يصح أن يقال : إنّه عاقد ، وبعد تملّكه للمبيع الفضولي يصير عاقدا مالكا ، فيندرج تحت عموم «أَوْفُوا» ، نظير اندراج الفقير الفاسق بعد التوبة وصيرورته عادلا في حيّز «أكرم الفقراء غير الفساق أو الفقراء العدول».
فتلخص من جميع ما ذكرناه عدم كفاية تملك العاقد الفضولي ـ المال الذي باعه لنفسه ـ في صحة عقده الفضولي ، بل صحته منوطة بالإجازة ، إذ لا يصير العقد عقدا له إلّا بالإجازة.
ولو شكّ في صحة هذا العقد قبل إجازة العاقد الفضولي ، ولم ينهض دليل على صحته وفساده ، فيرجع فيه إلى أصالة الفساد.