ففيه الوجهان (١) (*) ، فلا ينفذ (٢) فيه إجازة المجيز بعد تلفه بفعل (٣) المسلّط بدفعه ثمنا
______________________________________________________
(١) من كون عين المال موجودا ، فله المطالبة. ومن أنّ الإعراض الحاصل بالتسليط يوجب الخروج عن الملك ، فيتملكه الغاصب بالقبض ، فليس للمشتري الرجوع بها على الغاصب.
ويمكن أن يكون بناء الوجهين على أنّ التسليط تمليك للغاصب ، فليس للمشتري العالم بغصبية المبيع الرجوع إلى الغاصب إلّا من باب الهبة إن لم تكن من ذي الرحم ، أو إذن في الإتلاف ، فعلى الأوّل ليس له الرجوع ، وعلى الثاني له الرجوع.
(٢) يعني : فلا ينفذ في بيع الغاصب مال الغير إجازة المالك الأصيل بعد تلف الثمن. وهذا متفرّع على ما أفاده قطب الدين رحمهالله من تسليط المشتري ـ العالم بغصبية المبيع ـ البائع الغاصب على الثمن.
توضيحه : أنّ الثمن بسبب التسليط صار ملكا للفضولي الغاصب ، ولم يدخل في ملك مالك المبيع المغصوب ، فلم يتحقق مفهوم البيع المتقوّم بالمبادلة بين المالين ، فلا موضوع للإجازة ، ضرورة أنّ مرجعها إلى إجازة البيع بلا ثمن ، ولذا يصير المال الذي يشتريه الغاصب ـ بذلك الثمن ـ ملكا له ، كما صار الثمن ملكا له بالتسليط.
(٣) الباء للسببية ، ومتعلق ب «ينفذ» يعني : لا تنفذ الإجازة في هذا البيع بسبب فعل المسلّط ، وهو البائع الغاصب ، والمقصود بفعله هو دفع الثمن ـ الذي أخذه من المشتري ـ إلى بائع مبيع اشتراه لنفسه. فتلف الثمن إنّما حصل بدفعه عن سلعة اشتراها الغاصب من بائعها. وهذا التلف ناش عن تسليط المشتري الذي هو السبب حقيقة لعدم نفوذ إجازة
__________________
(*) الظاهر كون اللام للتعريف الذكري ، لكن لم يذكر الوجهان قبل العبارة المحكيّة في المتن ، ولا يحضرني حاشية قطب الدين على القواعد حتى أراجعه.
وكيف كان فالحقّ جواز الرجوع مع بقاء العين ، لأنّ التسليط المجّاني على تقديره إمّا هبة ، وإمّا إباحة مالكية. وعلى التقديرين يجوز الرجوع إلّا في هبة ذي الرّحم.
لكن الحق انتفاء كليهما ، إذ ليس هناك إنشاء جديد حتى يقال : إنّه هبة أو إباحة ، بل التسليط ليس إلّا وفاء للثمن. ومنه يظهر جواز إجازة مالك المبيع المغصوب ، واشتغال ذمة المشتري له بالثمن.